أسباب الانتكاسة وعلاجها نهائيا بسهولة هي أكبر تحدي يواجهك بعد خطة علاج الإدمان والوصول للتعافي، وقتها تبدأ فصل جديد في عملية التعافي وهو مواجهة العالم الخارجي والتعرض لبعض العوامل وارتكاب أخطاء قد تعيدك إلى نقطة البداية مرة أخرى، وتعرف تلك الأسباب بالعوامل العالية الخطورة التي تحتاج إلى معرفتها حتى تتجنبها وتقوم بعلاجها بسرعة من خلال برنامج الرعاية اللاحقة لمنع الانتكاسة والعودة لطريق التعافي مرة أخرى.
ما هي أسباب الانتكاسة؟
لا تقتصر رحلة العلاج في مراكز علاج الإدمان على العودة إلى الحياة الطبيعية ومواجهة العالم الخارجي وأنت شخص متعافي محفوف بالعديد من المحاذير والإرشادات التي تتعلق بالتعامل مع نفسك ومن حولك، ويجب الالتزام بها حتى تقي نفسك من الرجوع للوراء مرة أخرى وتشمل:
1. مواجهة أعراض الانسحاب بمفردك:
ينتكس العديد من الأفراد خلال الأسبوع الأول بعد التوقف عن تعاطي المخدرات من أجل علاج أعراض الانسحاب التي حكى لهم أحد عنها أو واجههوها بمفردهم وبدون رقابة طبية، والتي يمكن أن تستمر لمدة تصل إلى 6 إلى 18 شهرًا، لذا مهم جدا أن تنسحب بأمان وبدون آلام وتتعلم كيفية التعامل مع تلك الأعراض من خلال إشراف ورقابة طبية حتى لا تعيدك لطريق التعاطي.
2. عدم علاج الاضطرابات النفسية المسببة للإدمان:
إدمان الكحول والمخدرات مشكلة في حد ذاتها، ولكن الاعتماد عليها يأتي في أوقات كبيرة من عدم معالجة المشكلات الأساسية مثل القلق، الاكتئاب، الهوس، اضطرابات الشخصية، أو الإجهاد اللاحق للصدمة، وفي حالة عدم الاستمرار في علاج مسببات الإدمان تظل تلك العوامل موجودة وتعيد الشخص للتعاطي مرة أخرى.
3. الاقتراب من أفراد يشجعون على التعاطي:
نعم من أسباب الانتكاسة في الإدمان الأفراد المحيطين بك والمنخرطين مثلك في إدمان الكحول أو المخدرات سواء كانوا من الأهل، الأصدقاء، أو الجيران، وبالتالي وجودك بالقرب من هؤلاء يعرضك للانتكاسة، ولهذا نحن في مستشفى التعافي نوصيك دوما بتجنب أشخاص يشجعوك على التعاطي لأنهم يدفعونك لتلك الدائرة مرة أخرى.
4. التواجد في أماكن تشجع على الإدمان:
مثلما يعتمد المدمن على المخدرات هناك أماكن كذلك تعتمد على تواجد المدمنين وتتغذى ماليا عليهم ومنها النوادي، الحانات، والحفلات وغيرها من الأماكن المرتبطة بالتعاطي ومن ذلك أيضا غرفتك التي لو عدت من المستشفى إليه ستتذكر فيها أيام التعاطي وهذا أدعى لك أن تترك كل مكان يذكرك بالتعاطي، أو تغير من ملامحه حتى لا يعيد إليك ذكريات حياتك السابقة مرة أخرى.
5. الاختلاط بأشياء تذكر بالإدمان:
نعم هناك أشياء ترتبط في عقولنا اللاواعية بالإضافة للناس والأماكن، فعلى سبيل المثال، قد يؤدي ضرب الأكواب ببعضها قبل الشرب، أو انفجار ما بداخل زجاجة مياه غازية إلى تحفيز مدمن الكحول على التفكير في الكحول، كما قد تدفع بطاقات الائتمان مدمن الكوكايين أو غيره من مدمني المخدرات للتفكير في العقار الذي كانوا يتعاطونه ببطاقة الائتمان، والأخطر وجود مشاهد في التلفزيون أو صور لأشخاص يتعاطون المخدرات.
6. عدم الاهتمام بالحالة الصحية:
تعتبر قلة رعاية الذات واحدة من أسباب الانتكاسة وعلاجها ويؤدي دورا كبيرا في التعافي من الإدمان، لأن الرعاية الذاتية تشعر المرء بقيمته وترسل رسالة داخلية له بأن رفاهية نفسه مهمة، فمثلا قد يؤدي تناول نظام غذائي غير صحي أو يحتوي على نسبة عالية من السكر إلى ضعف الصحة النفسية والعصبية مما يؤدي إلى تدني الحالة المزاجية ويسبب الرغبة الشديدة في تناول الكحوليات أو المخدرات، كما يمكن أن تؤدي زيادة الوزن إلى شعور الأفراد بالاكتئاب، وتحفيز الأفكار بأن تعاطي المخدرات قد يساعدهم على فقدان الوزن الذي وضعوه وبالتالي ينتكسون.
7. عدم توفير بيئة صحية:
العلاقات الاجتماعية واحدة من أهم أسباب الانتكاسة وعلاجها والتعاطي معها بسوء قد يهدم العلاج هدما، لذا غالبا لو لم تكن في علاقة حميمة أثناء التعافي فسيتم تشجيع المدمن على البقاء بعيدًا عن تلك العلاقة لعدة أشهر أو حتى سنة، أو بالأحرى حتى يصبح أكثر استقرارًا في تعافيه، هذا لأن المواعدات قد تكون مشوبة بخلافات وضغوط ناهيك عن أن قلة دعم الزوج أو حتى العائلة للمدمن وعدم تأهيله قد يؤؤدي للانتكاسة.
8. الغرور والثقة الزائدة:
في بعض الأحيان، يعاني الأفراد المتعافين حديثا من سحابة وردية اللون تظلهم بأفكار مفادها أنهم لن يتعاطوا الكحول أو المخدرات أبدًا مهما حدث، لأن لديهم ما يكفيهم من ذكريات سيئة عن تعاطيهم للمخدرات، الثقة في التعافي شعور رائع بالتأكيد، لكن ضع في اعتبارك أن كل شخص مؤهل للانتكاس، وأن الغرور بالتعافي السريع أو الكاذب أحد علامات انتكاسة المدمن وواحد من أسباب الانتكاسة، وعلاجها يأتي بأخذ كل خطوة في وقتها ومكانها، دون استعجال أو إلقاء للجلسات وراء ظهرك.
9. الملل والعزلة:
نعم يمكن بسهولة إدراج الملل والعزلة على أنهما السبب الأول من أسباب الانتكاسة وعلاجها يكون بالانشغال بأي نشاط ومع أي أحد غير مدمن، إذ يمر العديد من المدمنين في المراحل المبكرة من التعافي بأوقات فراغ كبيرة في أياديهم لا يستطيعون ملئها بأنشطة، وحين يترك المدمن مع نفسه الهشة نوعا ما تنهال عليه الأفكار والعواطف الملحة لتكون الصحبة السيئة الدافعة له على العودة لطريق التعاطي مرة أخرى.
10. الاكتئاب والرغبة في التعاطي:
آخر هذه الأسباب هي المشاعر المزعجة التي لا يستطيع المدمن التغلب عليها بغير كحول أو مخدر كما كان يفعل، ففي حالة الإدمان النشط، كنت عند التعب تستخدم الكحول أو المخدرات وكذلك عند الغضب، الحزن،الوحدة، والتوتر وغيرها، وصحيح أنه لا أحد يريد تجربة مشاعر غير مريحة أو مزعجة من تلك، لكنها جزء طبيعي من التجربة الإنسانية والشيء غير الصحي هو تجنب مثل هذه المشاعر بل والأسوأ من ذلك، تعاطي الكحول أو المخدرات لتغطيتها وإزالتها تحت السجادة لذا عليك أن تتقبلها حتى لا تنتكس
11. عدم تغيير السلوكيات والأفكار القديمة:
من أهم أسباب الانتكاسة عدم حدوث تغيير شامل في الأفكار والسلوكيات أثناء فترة العلاج وبالتالي عدم تعلم التفكير بشكل منطقي وعقلاني ومواجهة المشاكل الحيايتية بهدوء وعدم الهروب منها للمخدر، لذا مع أول اختبار حقيقي سوف يعود الشخص لدائرة التعاطي مرة أخرى للهروب من الواقع المحيط.
12. عدم الخضوع لبرنامج المتابعة بعد العلاج:
عدم الالتزام ببرنامج المتابعة بعد العلاج وحضور الاجتماعات بشكل مستمر يجعل المريض عرضه للانتكاسة والعودة للتعاطي، لأنه يحرم نفسه من المجتمع العلاجي الداعم الذي يذكره دائما بمبادئه العلاجية التي تعلمها داخل المصحة.
كيفية علاج الانتكاسة نهائيا؟
تشمل العلاجات المختلفة للانتكاسة ما يلي:
1. علاج أعراض الانسحاب من خلال برنامج دوائي:
إذا كنت توقفت عن التعاطي بمفردك ولم تستطع مواجهة أعراض الانسحاب وبالتالي تعرضت للانتكاسة، فقد حان الوقت لاتباع الطريقة الصحيحة والخضوع لبرنامج دوائي لسحب السموم وعلاج أعراض الانسحاب بدون ألم.
2. العلاج النفسي والتأهيل السلوكي:
يجب تحديد السبب الرئيسي الذي دفعك إلى الانتكاسة وعلاجها، والخطأ الحادث في رحلة العلاج الأولى، ويكون ذلك من خلال العلاج النفسي والتأهيل السلوكي، وفيها يتعرف المريض على مهارات لتعديل أي معتقدات خاطئة أو التعامل مع ضغوط دون أخذ المخدر بإدارة التوتر والرغبة الشديدة والمحفزات الخارجية والداخلية.
ويُعرف الشكل الأكثر شيوعًا لهذا العلاج بالعلاج السلوكي المعرفي، والذي يركز على فهم آلية تحول أفكارك لمشاعر ثم المشاعر لحافز للسلوكيات، وتغيير المعتقدات السلبية إلى المعتقدات الإيجابية.
3. زيادة جلسات العلاج:
إذا كان المريض يحضر بالفعل علاجًا فرديًا، فقد يكون من المفيد له أن يرى الطبيب أكثر من ذي قبل لو داهمته أفكار الانتكاس، وذلك لمحاصرة هذه الأفكار وفهم سبب وكيفية حدوث الانتكاس وتطوير أدوات منع الانتكاسات المستقبلية.
4. التأهيل الأسري:
كما يمكن أن تساعد جلسات العلاج الزوجي والأسري أيضًا في وقف الانتكاسة من خلال الانفتاح أمام من تحب حول تأثير الانتكاس على العلاقات ومنح أفراد الأسرة أدوات لدعمك في التعافي المستمر.
5. مجموعات منع الانتكاس:
يمكن أن يمنحك حضور مجموعات دعم منع الانتكاس والتي تتعامل بشكل خاص مع منع الانتكاس بالمهارات اللازمة لوقف المحفزات والرغبة الشديدة والتوتر على المدى الطويل، وتجنب أي عوامل أو محفزات تشجعه علي التعاطي ومقاومة الرغبة التي تدفعه المخدر.
6. توفير بيئة صحية داعمة:
يجب توفير مجتمع صحي داعم من مرضى يشاركونك نفس خطتك العلاجية، وأفراد يحفزونك على الاستمرار في طريق التعافي وتجنب اي محفزات للتعاطي.
7. زيادة الرعاية الذاتية:
يمكن أن تشمل الرعاية الذاتية بدء التأمل اليومي أو ممارسة اليوجا والاهتمام بصحتك الجسدية من خلال ممارسة الرياضة والنوم، وتناول الطعام بانتظام، كما يمكن أن يتضمن أيضًا أنشطة إيجابية تجلب لك المتعة، مثل القراءة، الكتابة، السفر، المشي، أو ممارسة الرياضة.