أضرار الإدمان كلما سمعناها، بادر إلى أذهاننا منظر شخص يترنح ويسقط في أثناء مشيه، أو نرى صورة ذلك المراهق على الكرسي المتحرك، الذي تهور وقاد السيارة وهو تحت تأثير المخدرات واصطدم بشاحنة في حادثة بشعة.في الحقيقة لم تعد أضرار الإدمان تضر بالمدمن وحده، بل إنها آفة تضر بأسرة المدمن ووظيفته، ودوره المجتمعي، ومن ثم تضر المجتمع بأكمله بطريقة غير مباشرة، نتطرق اليوم في مقالنا إلى تفاصيل أضرار الإدمان على جسم الإنسان، وماهو الحل وكيفية علاج الإدمان وآثاره السلبية الأخرى.
أضرار الإدمان النفسية والجسدية:
يسبب الإدمان أضرار كثيرة على صحة الإنسان وعلى المجتمع، نتيجة الضرر المباشر للمادة التي يدمنها، وكذلك طريقة الإدمان، مثل: الحقن الذي يعرضه للمزيد من الأضرار، إضافة إلى الحوادث التي تنتج نتيجة سلوك المدمن، وتحتاج تلك الأضرار إلى ضرورة الالتحاق بأحد مصحات علاج الإدمان لتلقي العلاج.
1. تلف في وظائف المخ:
يتضمن تعريف الإدمان بأنه مادة معينة أو سلوك معين يسيطر على الشخص ويعمل على تنشيط نظام المكافأة في الدماغ، ويولد شعورا بالبهجة والفرحة؛ ومن ثم لا يستطيع الشخص التوقف عن المخدرات لتوقفه عن ذلك الشعور، مما ينتج العديد من الاضطرابات في وظائف المخ، فلا يستطيع المدمن أخذ قرارات سليمة، ولا يتحكم في تصرفاته.
ولا تقتصر الأضرار عند هذا الحد، بل يؤثر الإدمان على الذاكرة والقدرة على التحصيل الدراسي، وإنجاز المهام؛ الأمر الذي يؤدي إلى فشل المدمن في حياته العملية.
ومع زيادة فترة إدمان المخدرات، قد تصاب خلايا المخ بالتلف الدائم، الذي يؤثر على وظائف المخ الحيوية، ومستقبلات الجهاز العصبي أيضا.
2. سرطان المعدة:
يسبب إدمان المخدرات الكثير من أضرار الجهاز الهضمي، مثل: الغثيان، القيء، الحموضة، وارتجاع المريء، كذلك تضطرب طبيعة الإخراج فيعاني المدمن من الإمساك أو الإسهال.
وفي بعض الأحيان تسبب المواد المخدرة مثل (الكوكايين) تلفا في جدار الأمعاء، ومن ثم الألم الشديد، إضافة إلى فشل امتصاص العناصر الغذائية الهامة من الأمعاء، مما يؤدي إلى سوء التغذية الشديد والأنيميا.
وفي نهاية المطاف مع استمرار التأثير المؤذي لإدمان المخدرات على الجهاز الهضمي، تحدث سرطانات المعدة والقولون والمريء.
3. فشل وظائف الكبد:
يواجه الكبد السموم الضارة التي تدخل أجسامنا، ويكسرها ويعمل على تخلص الجسم من بقاياها، لذا نفهم لماذا يتأثر الكبد عندما يزيد عليه عبء السموم الموجودة في الكحول والمخدرات.
إضافة لوجود خطر آخر ينتج عن حقن المخدرات في الأوردة باستعمال سرنجات غير معقمة، وتبادلها مع الآخرين، ومن ثم تزداد احتمالية الإصابة بفيروسات الكبد، مما يزيد من تلف خلايا الكبد وفشل وظائفه.
4. سكتات قلبية:
يسبب إدمان المخدرات الكثير من الأضرار على الأوعية الدموية والقلب والتي تؤدي إلى حدوث السكتات القلبية، مثل:
- تصلب الأوعية الدموية وضيقها.
- ارتفاع مستوى الكوليسترول والدهون الضارة.
- انخفاض مستوى الدهون الجيدة.
- تلف بطانة الأوعية الدموية.
- زيادة تجلط الدم.
- عدم انتظام ضربات القلب.
- ارتفاع ضغط الدم.
5. الهلاوس والضلالات:
يتسبب الإدمان في خلل في كيمياء المخ العصبية واضطراب في النواقل العصبية السيتونين، الدوبامين، والأدرينالين، ينتج عنه الهلاوس والضلالات ومرض الفصام وما يصاحبها من رؤية أشخاص وسماع أصوات غير حقيقية، والإحساس بملمس حشرات مع الاعتقاد بوجود أشخاص يريدون إيذائك.
6. الاكتئاب والقلق:
تسبب أعراض الإدمان الدخول في نوبات اكتئاب وقلق حاد قد تصل للتفكير في الانتحار بسبب انخفاض في مستوى الدوبامين في المخ عن المستوى الذي يفرزه المخدر والدخول في حالة اكتئاب حاد.
7. الفشل الكلوي:
من أضرار الإدمان على الكلى انتشار الفشل الكلوي في المدمنين، ذلك بسبب حدوث التهابات الكلي، ارتفاع ضغط الدم، ضيق الشرايين الكلوية، واختلال توازن السوائل في الجسم.
نتيجة إلى ذلك تزداد مستويات الألبومين في البول، وتزداد مستويات البولينا في الدم، ويصاب المدمن بالفشل الكلوي.
8. فقدان حاسة الشم:
يختار متعاطي المخدرات طريقة تعاطي المخدرات بالأنف، نظرا لسهولتها عن الحقن، وسرعة ظهور مفعول المخدر، إضافة لتجنب علامات الحقن في الذراع؛ مما يشعرهم بالسرية وعدم اكتشاف أمرهم بسهولة، ولكن مع استمرار تعرض الأنف للمواد المخدرة، يتدمر الغشاء المخاطي الذي يبطن الأنف، ويتقرح مما قد يسبب نزفا متكررا، وفي نهاية المطاف يفقد المدمن حاسة الشم، ويصاب بثقب في الحاجز الأنفي.
ومع تلف الأغشية المخاطية في الأنف، تقل قدرتها على احتجاز الميكروبات والفيروسات؛ مما يؤدي إلى العدوى المتكررة في الجهاز التنفسي.
9. العجز الجنسي:
يؤثر الإدمان على الصحة الجنسية ويقلل من الرغبة الجنسية، على عكس ما يظن أغلب المدمنين أن المخدرات والجنس بينهمل علاقة قويةـ حيث تزيد من الرغبة الجنسية، وفي الحقيقة يمكن أن تزيد المخدرات من الرغبة الجنسية في بداية تعاطي الجرعة فقط، ولكن على المدى الطويل لتعاطي المخدرات، تقل الرغبة الجنسية وتقل القدرة الجنسية للرجل، ويصاب بضعف الانتصاب الذي قد يتحول إلى عجز جنسي تام.
10. تشوهات في الآجنة:
من المؤسف أن تتعاطى السيدات المخدرات في أثناء الحمل والرضاعة، لأن المخدرات تنتشر من خلال الدم إلى الجنين بواسطة الحبل السري، وتفرز أيضا في اللبن فتصل إلى الطفل من خلال الرضاعة الطبيعية.
أضرار المخدرات على الجنين:
- حدوث تشوهات خلقية في الجنين مثل كبر حجم الرأس وضيق حدقة العين.
- إتلاف المراكز الحيوية في المخ.
- انخفاض وزن الجنين.
- موت الجنين داخل الرحم.
- الإجهاض.
- تعرض الجنين لأعراض الانسحاب.
أضرار الإدمان الأسرية:
ننتقل إلى جانب آخر من أضرار الإدمان، وهو التأثير السلبي على المجتمع والأسرة.
1. عدم تلبية احتياجات الأسرة:
يصرف المدمن مبالغ كبيرة للحصول على المخدرات، وكلما اعتاد على الجرعة ولزم زيادتها، اضطر لإنفاق المزيد من الأموال عليها، مع تدهور الأمر ينفق المدمن كل ما يملك وقد يحرم أسرته من الاحتياجات الأساسية، من أجل المخدرات، بل قد يسرق ممتلكات الأسرة ويبيعها ليحصل على المال، وبذلك لا يضر نفسه فقط إنما يؤثر على معيشة الأسرة بأكملها.
2. النبذ الاجتماعي للأسرة:
بسبب السلوكات الغريبة للشخص المدمن، وعدم تصرفه بشكل لائق، ينفر منه أغلب أصدقائه، ويبتعدون عنه لأنه قد يمثل خطرا عليهم؛ في حالة اتجه إلى السرقة والاحتيال، مما يعرض الأسرة للنبذ الاجتماعي وسوء السمعة.
3. الطلاق وانهيار الأسرة:
وكذلك يؤثر الإدمان على علاقة المدمن بشريكة حياته، فهو لا يحرص عليها، وكل ما يهمه هو الحصول على المخدر، مما يصل إلى حدوث الطلاق في النهاية.
4. العنف الأسري:
لا تقتصر الأضرار التي تحدث لأسرة المدمن على الضرر المالي فقط المذكور سابقا، ولكن كثيرا ما يتطاول المدمن بالضرب على أفراد أسرته، ما يعرف بالعنف الأسري، ويؤدي العنف الأسري إلى تفكك العائلة وعدم ترابطها، وهنا تكمن مشكلة أكبر على الأبناء الصغار في هذه الأسرة، إذ ينجرفون هم أيضا إلى الإدمان في أغلب الأحيان.
أضرار الإدمان على المجتمع:
كما ذكرنا أن المدمن يفتقر للتفكير السليم، وينحرف وراء السلوكات الخاطئة؛ ومن ثم تنتشر الأخلاق السيئة في المجتمع: مثل: السرقة، الدعارة، الغش، الزنا، والقمار.
على الجانب الآخر يؤدي الإدمان إلى خسارة الكوادر البشرية العاملة، وبالتالي تراجع الأيدي العاملة وإنفاق أموال الدولة على بناء المصحات العلاجية.
اقرأ بالتفصيل عن أخطر أضرار حقن المخدرات واشهرها الادز والشلل.
نأتي للحل…
كيف تعالج أضرار الإدمان؟
يسعى الأطباء النفسيين في مصحات علاج الإدمان إلى مساعدة المدمن على الشفاء من الإدمان، ومن ثم التخلص من أضراره، وحماية المجتمع من هذا الوباء، وتشمل مراحل العلاج أربعة خطوات هما:
1. فحص شامل:
في مصحة التعافي يفحصك الأطباء المختصين لتقييم حالتك الصحية والنفسية، ويشمل التقييم عدة اختبارات وتحاليل أهمها: تحليل المخدرات، تحليل الفيروسات، وكذلك تحليل وظائف الكلى والكبد، وبناء على الفحص الشامل يضع الأطباء خطة علاجية تناسب حالتك.
2. سحب السموم بدون ألم:
يقرر الأطباء الطريقة المناسبة لسحب السموم من جسمك، مع علاج الأعراض الانسحابية حتى لا تشعر بأي ألم، مع مراقبة علاماتك الحيوية بدقة تحت إشراف طبي دقيق.
3. العلاج النفسي والتأهيل السلوكي:
يهتم الأطباء بإصلاح ما أفسده الإدمان في صحتك النفسية وسلوكك، بهذه الخطوات:
- جلسات علاج نفسي فردي، يركز الطبيب النفسي على الأسباب التي جعلتك تدخل في طريق الإدمان.
- جلسات تأهيل سلوكي معرفي تغير طريقة تفكيرك و تكسبك القوة على رفض تعاطي المخدرات مرة أخرى.
- علاج الاضطرابات النفسية المصاحبة للإدمان، مثل الاكتئاب، القلق، الهلاوس، الضلالات، والفصام.
- جلسات علاج جماعي، لتشجيعك على تخطي هذه الفترة من خلال سماع خبرات الآخرين ونجاحهم في التخلص من الإدمان وبداية حياة جديدة.
4. التأهيل الاجتماعي ومنع الانتكاسة:
يحرص الأطباء في مصحات علاج الإدمان على تدريبك على الاندماج في المجتمع مرة أخرى، وكيف يمكنك التعامل مع ضغوط الحياة بطريقة سليمة بدلا من اللجوء إلى الإدمان، ومن ثم نتجنب حدوث انتكاسة لك.
وختاما عزيزي القارئ ذكرنا في هذا المقال (المقدم من مصحةالتعافي) أضرار الإدمان بالتفصيل، حتى يكون هذا المقال بمثابة سلاح قوي يساعد على محاربة الإدمان، والتصدي لهذه الظاهرة التي تهدد المجتمع أجمع.