اضطراب الاكتئاب ثنائي القطب اضطراب مزاجي حاد يعاني صاحبه من انتقال مفاجئ بين نوبات اكتئاب لحالة من الفرح والهوس الشديد، ولكن اضطراب ثنائي القطب ليست مجرد تقلبات مزاجية بسيطة بل مرضية تؤثر على حياته وحياة مع حوله، يظهر لها أعراض نفسية وسلوكية تحتاج إلى الانتباه لها وسرعة العلاج.
ما هو الاكتئاب ثنائي القطب؟
اضطراب ثنائي القطب هو اضطراب نفسي قد يكون مزمنا أو متقطع يأتي على فترات منتظمة، لكنه في الحالين سيسبب للمريض وأهله تغيرات غير عادية وسلوكيات متطرفة وتقلبات شديدة في المزاج ومستوى النشاط والتركيز، ولذا يسمى اضطراب ثنائي القطب أحيانا بالاكتئاب الهوسي وهو مصطلح قديم يوصف به هذا الاضطراب.
وحقيقي أن كل منا يمر أحيانا بفترات هبوط في النشاط والمزاج وكذلك فترات صعود فيهما وسعادة، ولكن اضطراب اكتئاب ثنائي القطب يختلف، فالمريض ينتقل بين طرفين بعيدين هما الهوس بما فيه من سعادة بالغة وانفعال كبير وتفاؤل عظيم ونشاط جبار، وزيادة ملحوظة في النشاط العصبي، وبين الاكتئاب وما فيه من الحزن واليأس واللامبالاة وانخفاض مستوى النشاط.
ويظهر اضطراب الاكتئاب ثنائي القطب أحد أنواع اضطراب ثنائي القطب في معظم الحالات أو يبدأ بأواخر سن المراهقة أو في بداية البلوغ، وفي بعض الأحيان أيضا قد تحدث أعراض الاضطراب ثنائي القطب عند الأطفال، ورغم ظهور الأعراض واختفائها، إلا أن الاكتئاب ثنائي القطب وعلاجه يحتاج متابعة مدى الحياة لأن هذا الاضطراب لا يختفي من تلقاء نفسه بل قد يكون عاملا في نهاية حياة الشخص وفقدان وظيفته والخلافات الأسرية.
استمر في القراءة…
أعراض الاكتئاب ثنائي القطب:
تستمر نوبات اضطراب ثنائي القطب من أسابيع إلى شهور، وقد تكون أقصر من ذلك خصوصا في الأطفال والمراهقين الذين قد يجربون النوبات (الهوس والاكتئاب) أكثر من مرة في اليوم، كما تحدث نوبات الاكتئاب بشكل غير منتظم و بأنماط غير متوقعة، وبين النوبات عادة ما يعود الشخص المصاب باضطراب ثنائي القطب إلى حالته الطبيعية أو شبه الطبيعية، رغم أن هذه الراحة قصيرة الأجل نظرا لسرعة وتيرة التقلبات ما لم يسارع الشخص بالعلاج، وهذه أبرز أعراض الاكتئاب ثنائي القطب.
1. فقدان الاهتمام بالأنشطة المعتادة:
يفقد المريض الذي يعاني من اضطراب ثنائي القطب، أي اهتمام بأنشطة معتادة كان دائما ما يتردد عليها وتسبب له السعادة، مهما كانت هذه الأنشطة، تنعدم الرغبة فيها.
2. المزاج العصبي أو الحزن الطويل:
نعم قد يستمر التهيج أو المزاج العصبي لدى الشخص الذي يمر باضطراب ثنائي القطب بحالة عصبية أو حالة من الحزن لفترة طويلة من الزمن لا يستطيع الخروج منها بل يخرج كل يوم في دائرة من الحزن داكنة أكثر ومظلمة أكثر من غيرها.
3. انخفاض الطاقة أو التعب:
كذلك يرتبط فقدان الطاقة والاهتمام بالأنشطة وقد يكون سببا فيه أن مريض اضطراب ثنائي القطب يشعر بأن طاقته مسحوبة، ونشاطه منخفض وأنه متعب على الدوام، بل قد يصاحبه آلاما جسدية غير مبررة.
4. الشعور بالذنب أو انعدام القيمة:
كذلك يعاني مريض اضطراب الوجداني ثنائي القطب من حالة شعور بالذنب أو انعدام للقيمة لا يمكن تخطيها بسهولة، ولو زادت هذه المشاعر ستؤدي إلى التفكير في الانتحار.
5. اضطرابات النوم:
من الأشياء الأخرى التي يعاني منها مريض اضطراب ثنائي القطب اضطرابات النوم، فقد يظل المريض نائما لفترات طويلة أو يفقد القدرة على النوم لأيام متواصلة.
6. قلة التركيز والتذكر:
يمر كذلك مريض اضطراب ثنائي القطب بحالة من انخفاض التركيز والتذكر وهو ما يؤثر في الأداء المدرسي أو العمل نتيجة العجز التام عن التركيز.
7. اضطرابات الأكل:
يرتبط كذلك باضطراب ثنائي القطب حالة من اضطرابات الأكل، فيمر المريض إما بحالة إفراط تام في الأكل، أو حالة من فقدان الشهية التام والذي قد يؤدي إلى مشاكل صحية فيما بعد في الحالتين ومشاكل في النوم كذلك كما أسلفنا.
8. الغضب والقلق:
لا يمكن أن تبرر أوقات أو أسباب الغضب عند شخص يمر بحالة اضطراب الاكتئاب ثنائي القطب، كذلك لا يمكن أن تهدئ سيل القلق الذي يجتاح دماغه ويسبب له حالة من التوتر الشديد التي قد يؤذي بها نفسه أو المحيطين به.
9. إدمان الكحول والمخدارات:
يتحول بعض الأشخاص المصابين باضطراب الاكتئاب ثنائي القطب إلى الكحول أو المخدرات لشعورهم بأنها ستوفر تحسنا مؤقتا نتيجة نشوة المخدر أو الكحول، لكن على العكس يأتي تعاطي الكحول والمخدرات بنتائج كارثية على الأشخاص المصابين باضطراب الاكتئاب ثنائي القطب فيفاقم الأعراض ويصعب عملية التشخيص والعلاج.
10. أفكار الموت أو الانتحار:
نتيجة لما سبق من أعراض مؤلمة ومؤذية، كثيرا ما يفكر مريض اضطراب ثنائي القطب في الموت بل كثيرا ما يهدد، يقدم، أو يحاول الانتحار بالفعل ظنا منه أنه الخلاص الوحيد لما يمر به من تقلبات بين الهوس الكبير والاكتئاب المزمن.
أسباب اضطراب الاكتئاب ثنائي القطب:
لا يوجد سبب واضح ومحدد لاضطراب ثنائي القطب بل تتعدد أسبابه بين أسباب وراثية، خلل في كيمياء المخ، أو مشاكل بيئية:
1. أسباب وراثية:
الأشخاص اللذين لديهم تاريخ عائلي من الإصابة بمرض اكتئاب ثنائي القطب تحتمل الإصابة لديهم بنفس الاضطراب، بسبب وجود جينات تحمل نفس المرض.
2. خلل في كيمياء المخ:
يؤدي خلل في كيمياء المخ وزيادة أو انخفاض في مستويات هرمونات السيروتونين، الأندروفين، والدوبامين إلى الإصابة باضطراب مزاجي حاد.
3. أسباب بيئية:
البيئة العنيف التي يتخللها أساليب تربية خاطئة يتخللها العنف وفقدان الثقة، تؤدي إلى إصابة الطفل باضطرابات مزاجية تصل في النهاية لاضطراب اكتئاب ثنائي القطب.
4. صدمات عاطفية:
المرور بتحولات عاطفية حادة وصدمات عنيفة مثل فقدان أحد المقربين وانفصال الوالدين تلعب عامل أساسي في الإصابة باضطراب ثنائي القطب.
علاج الاكتئاب ثنائي القطب:
يساعد العلاج في الحفاظ على مزاج مريض اضطراب ثنائي القطب مستقرًا ويخفف أعراض الهوس أو الاكتئاب ويتم العلاج في اتجاهات مختلفة، هي:
1. العلاج بالأدوية:
مضادات الذهان:
اضطراب الاكتئاب ثنائي القطب يكون مصحوبا بنوبات هوس، لذا قد يصف لك الطبيب دواءً مضادًا للذهان، مثل أولانزابين أو كيتيابين كعلاج قصير المدى للأعراض، أو قبل إعطائك دواءً لتثبيت حالتك المزاجية ومن المهم أن تعلم أن الآثار الجانبية لهذه الأدوية تشمل زيادة الوزن والدوخة كما لا ينبغي استخدامها دون وصفة طبيب مختص.
مثبتات الحالة المزاجية:
وسيتم وصفها من الطبيب لمنع التقلبات المفاجئة في المزاج، حيث يصف لك الطبيب دواءً مثبتًا للمزاج كالليثيوم وقبلها سيطلب منك طبيبك إجراء فحوصات الدم للتأكد من أنك تتلقى الجرعة الصحيحة، ومن المهم أن تعلم أن فعالية هذا الدواء قد تستغرق حوالي ثلاثة أشهر كما يمكن أن تشمل الآثار الجانبية زيادة الوزن والرجفة والعطش.
وإذا كان لديك كمية زائدة من الليثيوم في جسمك، فقد تشعر بالغثيان والتمايل أثناء المشي فإذا واجهتك هذه الأعراض، اتصل بطبيبك على الفور. واحرص على تناول الطعام بانتظام، مع شرب الكثير من السوائل غير المحلاة، ومشروبات الكافيين.
مضادات الاكتئاب:
إضافة لما سبق، بالتأكيد سيوصي طبيبك بتناول مضاد للاكتئاب لفترة قصيرة لعلاج نوبات الاكتئاب، وعادةً ما يتم وصف مضادات الاكتئاب التي تسمى مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs) كدواء سيتالوبرام وفلوكستين، وعند تناول هذه الأدوية، هناك خطر من أن تتحول أعراض الاكتئاب إلى هوس، لذا لتمنع حدوث ذلك يجب أن تتناول معها مثبتات الحالة المزاجية.
يمكن أن تشمل الآثار الجانبية لمضادات الاكتئاب خفقان القلب ومشاكل النوم والمشاكل الجنسية.
2. العلاج النفسي:
وأحيانا نسميه العلاج بالكلام أو العلاج المعرفي السلوكي وهو عبارة عن جلسات محادثة علاجية تساعد في تغيير طريقة تفكير مريض اضطراب ثنائي القطب، وكذلك طريقة تصرفه وشعوره، ومكن أن يساعد هذا في علاج أعراض اضطراب الاكتئاب العاطفي ثنائي القطب كما يساعد التحدث وتقنيات إدارة التفكير والسلوك في منع انتكاسة علاج اضطراب ثنائي القطب.
3. المساعدة الذاتية:
حيث يمكن أن يساعدك تدوين حالتك المزاجية في مفكرات ومذكرات في تحديد شدة الأعراض، ومعرفة متى تبدأ النوبة ومتى تصبح غير قابلة للسيطرة عليها، وهو ما يمكن أن يساعدك في منع نوبات الهوس أو الاكتئاب وطلب المساعدة عند الحاجة.
كذلك سيساعدك تعلم كيفية التعامل مع التوتر على منع هذه النوبات، والحفاظ على توازن مناسب بين العمل والحياة والمشاركة في الأنشطة التي تستمتع بها وتقنيات الاسترخاء وممارسة الرياضة بانتظام واتباع نظام غذائي صحي كلها ستعينك في دعم نفسك للتعافي وضمان فعالية العلاج الدوائي.