الأمراض النفسية الوراثية هي الميراث الثقيل الذي قد يتركه بعض الآباء لأبنائهم، وعلى الرغم من أن حتمية حدوثها ليست أكيدة لكل طفل يمتلك عائلة مصابة بالأمراض الوراثية، إلا أنها بالتأكد تضع احتمالية للإصابه به عن الأشخاص الآخرين اللذين لا يمتلكون عائلات تنتشر فيها أمراض مشابهة، ومع استحالة منع انتقال المرض النفسي الوراثي إلا أن أعراض ظهوره تلمح في الأفق منذ بداية عمر الطفل وكلما تم الانتباه إليها مبكرا والحصول على علاج كلما تم السيطرة عليها والشفاء منها.
ماهي الأمراض النفسية الوراثية؟
الأمراض النفسية الوراثية هي أنواع الأمراض النفسية التي تنتقل عبر أفراد العائلات من جيل لآخر نتيجة عيوب أو طفرات جينية متوارثة وظاهرة في الآباء أو الإخوة، أي أن العامل الحاسم في وجودها هو توفرها في التكوين البيولوجي للمريض، ولكن على الرغم من إمكانية انتقالها إلا أنها ليست أكيدة، بمعنى ليست كل عائلة يتواجد فيها المرض النفسي شرط أن ينتقل إلى الأبناء، ولكن تصبح أكثر احتمالية عن غيرها، وتحتاج إلى الانتباه وملاحظة أي أعراض وتغيرات في السلوك والتصرفات وسرعة العلاج.
أنواع الأمراض النفسية الوراثية:
اكتشف الباحثون خمسة من الأمراض الوراثية النفسية المرتبطة بالاختلافات الجينية الموروثة والأكثر انتقالا عبر الأجيال، وهذه هي الأمراض الوراثية المرصودة حتى اليوم:
1. الفصام:
يميل الفصام إلى الانتشار في العائلات، لكن لا يُعتقد أن جينًا واحدًا هو المسؤول إذ من المرجح أن مجموعات مختلفة من الجينات تجعل الناس أكثر عرضة للإصابة به، ومع ذلك، فإن امتلاك جينات الفصام في عائلتك لا يعني بالضرورة أنك ستصاب به.
2. الاضطراب ثنائي القطب:
غالبًا ما يكون الاضطراب ثنائي القطب وراثيًا، حيث تمثل العوامل الوراثية ما يقرب من 80 ٪ من أسبابه، لذا يعد الاضطراب ثنائي القطب أكثر الأمراض الوراثية المحتمل انتقالها عبر العائلة ولو كان أحد الوالدين مصابًا به فهناك احتمال بنسبة 10٪ أن يصاب طفلهم بالمرض.
3. الاضطراب الاكتئابي الحاد:
من المحتمل أن يكون هناك العديد من العوامل غير الجينية التي تزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب الحاد، لكن إذا كان لدى شخص ما تاريخ عائلي من الاكتئاب الشديد، فمن المحتمل أن يكون هذا الشخص أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب مرتين أو ثلاث مرات مقارنةً بالشخص العادي.
4. طيف التوحد:
طيف التوحد مرض جيني أكثر من كونه بيئي، وقد قامت في ذلك دراسات عديدة ومكثفة، خلصت بيانتها إلى أن حوالي 80 ٪ من مخاطر الإصابة بطيف التوحد كان ناتجًا عن العوامل الوراثية، مع ارتباط باقي المخاطر بأسباب بيئية لم يتم تحديدها بعد، منها مثلا حوالي 1 ٪ هي عوامل تتعلق بالأم.
5. فرط الحركة ونقص الانتباه:
يميل اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه إلى الانتشار في العائلات التي لديها تاريخ مع المرض، بل في معظم الحالات يُعتقد أن الجينات التي ورثها المصاب من والديه هي العامل الحاسم في تطوير المرض، وتُظهر الأبحاث أن والدي وإخوة الطفل المصاب باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أكثر عرضة للإصابة به.
أسباب الأمراض النفسية الوراثية:
لا يفهم الطب تمامًا حتى اليوم أسباب الأمراض الوراثية النفسية أو لماذا يمكن أن ينتقل في العائلات، لكن المعروف أنه يمكن جدا أن تعتمد فرص الإصابة بالأمراض الوراثية عليك وعلى جينات عائلتك.
لكن هذه ليست قاعدة دقيقة إذ يبدو أن الأمراض الوراثية غير مفهومة في آليات عملها، لأن هناك عوامل أخرى تحرك المرض النفسي مع الجينات التي لا تعمل وحدها في كل مرة وعند كل شخص، وتشمل العوامل الوراثية التي تساهم في تطور الاضطرابات النفسية الوراثية ما يلي:
1. الجينات الغير منتظمة:
تؤدي الجينات الغير منتظمة إلى انتقال الأمراض النفسية الوراثية وتحدد على ما إذا كان هذا الشخص سيصاب باضطراب عقلي أم لا، وهي ليست ثابتة على الدوام لتؤدي لمرض نفسي دائم لكنها بمثابة جينات في وضعية التشغيل وإيقاف التشغيل.
2. تعدد الأشكال الجينية:
التغييرات في حمضنا النووي هي ما يجعلنا متفردين في شخصياتنا وهيئتنا، وتعدد الأشكال الجينية يؤدي إلى تطوير الأمراض النفسية وراثيا.
3. تغييرات في جين واحد:
وهي حالة نادرا ما تحدث وفيه تحدث تغيرات جينية معينة طفرة واحدة في جين واحد يطور أحد الأمراض الوراثية.
أعراض الأمراض النفسية الوراثية:
يمكن أن تختلف أعراض الأمراض النفسية الوراثية اعتمادًا على نوع المرض ومدى التدخل المبكر لعلاجه وتتضمن بعض العلامات والأعراض التي تظهر في الأمراض النفسية الوراثية ما يلي:
1. تغيرات مزاجية حادة:
يسيطر على الشخص المصاب بالأمراض النفسية الوراثية وخاصة اضطراب ثنائي القطب مشاعر حزن، تعاسة، ومخاوف مفرطة أحيانا ضمن سلسلة من التغيرات المزاجية الحادة والقاسية على الشخص ومن معه.
2. الميل للعنف:
يميل الشخص المصاب بأحد الأمراض النفسية الوراثية إلى الرد بعنف نتيجة سهولة تهيجه وعدم قدرته إما على تكوين علاقات أو الحفاظ عليها وانسحابه من الأنشطة والعلاقات.
3. عدم القدرة على العمل أو الدراسة:
عدم القدرة على العمل أو الدراسة هي واحدة من علامات المرض النفسي الوراثي لأن الطفل أو البالغ يكون فاقدا لتركيزه طول الوقت وذاكرته كذلك ضعيفة ناهيك عن شعورهم المستمر بالخمول والتعب.
4. صعوبة الكلام:
يعاني الشخص المصاب بأحد من الأمراض النفسية الوراثية من الكلام غير المنظم ويستمر في التحدث بجمل لا معنى لها ولا داعي.
5. مشكلات النوم:
يعاني الشخص المصاب بالأمراض النفسية الوراثية إلى الأرق وصعوبة النوم أو العكس بأن ينام فترات طويلة وممتدة..
6. الانفصال عن الواقع:
يعاني الشخص المصاب بأحد الأمراض النفسية من حالة اغتراب وانفصال تام عن واقعه فيبدأ بالحديث مع نفسه وهنا تتشكل لديه أوهاما وهلاوس مختلفة.
7. الأوهام:
هي معتقدات خاطئة وأحيانًا غير واقعية يرفض فيها الشخص التوقف عن الإيمان بما يرى رغم تقديم أدلة على خطأ ما يظنه يقينا لا شك فيه، كأن يعتقد المصاب أن الأجانب يتآمرون عليه أو يقرأون عقله.
8. الهلوسة السمعية والبصرية:
هي أحاسيس غير حقيقية تشمل سماع الأصوات، رؤية الأشخاص، والشعور بحركة أشياء على الجلد، وشم روائح غريبة غير حقيقية وكلها يعاني منها المصاب بالأمراض النفسية الوراثية.
علاج الأمراض النفسية الوراثية:
يعتمد علاج الأمراض النفسية الوراثية على نوع المرض الذي تعاني منه وشدته وما هو الأفضل بالنسبة لك وهذه هي الخيارات المختلفة التي تتوفر لك عموما:
1. العلاج الدوائي:
رغم كون الأدوية النفسية لا تعالج الأمراض النفسية الوراثية من الجينات بل أعراضها، إلا أنها غالبًا ما تحسن الأعراض بشكل ملحوظ بل يمكن أن تساعد الأدوية النفسية في جعل العلاجات الأخرى، مثل العلاج النفسي، أكثر فعالية.
وتتضمن فئات الأدوية الأكثر استخدامًا في علاج الامراض النفسية الوراثية ما يلي:
مضادات الاكتئاب:
تستخدم مضادات الاكتئاب لعلاج الاكتئاب الحاد وتساعد في تحسين أعراض الحزن واليأس ونقص الطاقة وصعوبة التركيز وقلة الاهتمام بالأنشطة.
مضادات الذهان:
تُستخدم الأدوية المضادة للذهان عادةً لعلاج الاضطرابات الذهانية، مثل الفصام، الضلالات، الهلاوس السمعية والبصرية، كما يتم استخدامها أيضا في علاج الاضطرابات ثنائية القطب أو مع مضادات الاكتئاب لعلاج الاكتئاب الذهاني.
2. العلاج النفسي:
يتضمن العلاج النفسي والمعروف أيضًا باسم العلاج بالكلام التحدث عن حالتك والمشكلات التي تعاني منها وإيجاد حلول لها، مع تغيير طريقة تفكيرك ونظرتك لنفسك والأمور من حولك مع تعليمك كيفية السيطرة على مشاعر القلق، التوتر، نوبات العصبية، والغضب التي تواجهك وعدم السماح لها بالسيطرة عليك.