الاكتئاب السريري يجعل من حياة المريض بطيئة ومليئة بالمعاناة، ويسبب له مشكلات في حياته وعلاقاته وجسمه، فتظهر عليه آثار الإرهاق والألم والحزن المتواصل، فما هو الاكتئاب؟ بالضبط، وما أسبابه وأعراضه وكيف يمكن علاجه؟ في هذا المقال جمعنا لك من المعلومات ما سيفيدك ويعرفك أكثر على الاكتئاب السريري.
ما هو الاكتئاب السريري؟
الاكتئاب السريري اضطراب نفسي خطير وشائع يؤثر على المريض جسديا وعقليا وعلى طريقة شعوره وتفكيره بل ويمكن أن يجعل الشخص تعيس و راغب في العزلة والابتعاد عن العائلة والأصدقاء أو المدرسة والعمل، كما يمكن أن يسبب القلق والأرق وفقدان الشهية وانعدام الرغبة في الحياة، حيث تكون متع الحياة هي آخر ما يفكر فيه المكتئب.
فإذا كنت أنت أو شخصا تحبه عانى من هذه الحالة فمهم أن تعلم أنهم قد يعانون من الاكتئاب السريري، فعند استمرار مشاعر الحزن لأكثر من إسبوعين، يجب طلب المساعدة، لأن الاكتئاب السريري ليس مجرد كرب عادي، بل حزن دائم يقود الشخص إلى عجز تام ويأس كامل وفقدان للرغبة في الوجود.
والأمر الجيد أن الاكتئاب السريري قابل للعلاج، بالمساعدة وبالدعم وبالأدوية أحيانا لتستعيد السيطرة على حياتك مرة أخرى دون قلق أو حزن أو انفعال أو أرق.
أعراض الاكتئاب السريري:
هذه هي الأعراض الأكثر شيوعًا للاكتئاب السريري والتي قد تختلف حسب العمر لكن على كل حال تشمل أعراض الاكتئاب:
1. الحزن المتواصل:
استمرار الشعور بالحزن المصاحب بالعدوان والإنفعال لأكثر من اسبوعين قد يكون علامة من علامات الاكتئاب السريري.
2. اليأس:
كذلك من علامات الاكتئاب السريري الشعور باليأس أو انعدام القيمة أو الكفاءة أو تدني احترام الذات أو الشعور بالفراغ الروحي.
3. الشعور بالذنب:
كثيرا ما يصاب مريض الاكتئاب السريري بمشاعر الذنب دون شيء فعله حتى أو ذنب ارتكبه وتسيطر عليه مشاعر العار كذلك.
4. أفكار الموت:
تسيطر على الشخص المصاب بالاكتئاب السريري أفكار الانتحار أو الموت والتي تعود باستمرار ولا يستطيع الشخص دفعها أو التحكم فيها، لذا لا تهون من كلام المكتئب عن الانتحار وساعده الآن فورا.
5. فقدان الاستمتاع بهواياته:
يفقد المصاب بالاكتئاب السريري الاهتمام بالأنشطة العادية ولا يستمتع بهواياته التي كانت تمثل له غاية المتعة في هذه الحياة.
6. مشكلات العلاقات:
مع الاكتئاب السريري تتدهور العلاقات العاطفية لميل الشريك المصاب بالاكتئاب إلى الانعزال، فينعزل حتى يعتقد شريه الجنسي أنه لم يعد يعرفه، ومن هنا تبدأ المشكلات.
7. اضطرابات النوم:
يمر مريض الاكتئاب السريري بحالة من اضطرابات ومشاكل النوم تختلف وتتأرجح بين الأرق وعدم القدرة على النوم، أو النوم لساعات طويلة جدا دون توقف.
8. تغير الوزن:
يصاب مريض الاكتئاب السريري بحالة من اضطرابات الشهية مما يؤدي إلى تغير في الوزن بالزيادة أو النقصان نتيجة إفراطه في الأكل أو قلة تناوله للطعام.
9. نقصان الحماس:
كذلك من علامات الاكتئاب السريري مرور المصاب بحالة من التغيير في مستوى النشاط فيقل حماسه لفعل أي شي.
10. مشكلات في الإدراك:
يصعب على المصاب بالاكتئاب السريري التركيز أو التذكر أو التفكير بوضوح أو غيرها من العمليات الإدراكية والمعرفية ويظهر جليا هذا في حياته اليومية ويقل أداؤه في المدرسة أو العمل نتيجة ذلك.
11. صعوبة اتخاذ القرار:
نتيجة حالة الفراغ الروحي وتدني احترام الذات يعجز المصاب بالاكتئاب السريري عن اتخاذ القرارات حتى البسيط منها.
12. آلام جسدية غير مبررة:
من أعراض الاكتئاب الجسدية يشتكي المصاب بالاكتئاب السريري غالبا من آلام جسدية متكررة وغير مبررة، أي أنه لو قام بالفحوصات الطبية فلن يكون هناك سبب لهذا الألم الذي يشمل الصداع المزمن والمستمر، وآلام في المعدة، والتعب الشديد.
أسباب الاكتئاب السريري:
أسباب الاكتئاب السريري غير مفهومة تمامًا للأطباء حتى اليوم، لكن يُعتقد أن عددا من العوامل الرئيسية تتفاعل مع بعضها وتدفع الشخص للاكتئاب، وهذه العوامل هي:
1. التغيرات الجينية:
يعتقد الأطباء أن التغييرات الجينية تجعل النواقل العصبية التي تنظم الحالة المزاجية في الدماغ غير فعالة أو غير كافية.
2. إصابة شخص قريب بالاكتئاب:
قد يحفز إصابة الشخص بالاكتئاب السريري كذلك وجود حالة من الاكتئاب عنده يرعاها أو يتعايش معها، خاصة للوالدين أو الأشقاء أو للأزواج والزوجات حتى.
3. الصدمة:
المعاناة من حدث صادم أو تغيير كبير في الحياة مثل فقدان الوظيفة أو الوفاة أو المرض المزمن أو الطلاق، كلها قد تؤدي إلى الاكتئاب السريري.
4. المشاكل المالية:
قد يؤدي تراكم الديون وانقلاب الحال والخوف بشأن النفقات الكبيرة المستحقة إلى الاكتئاب السريري كذلك.
5. المرض المزمن:
قد تؤدي بعض الأمراض المزمنة إلى الاكتئاب كالسرطان أو العاهات الناتجة عن حوادث السيارات أو الاضطرار إلى الخضوع لعملية جراحية، أو الاضطرار إلى إدارة حالة صحية مزمنة، وكذلك رعاية شخص عزيز (الزوج أو الطفل أو الوالد) يعاني من مرض خطير أو إصابة أو إعاقة قد تؤدي للاكتئاب.
6. آثار الأدوية:
تناول بعض الأدوية التي يمكن أن تسبب أعراضًا مرتبطة بالاكتئاب السريري بما في ذلك الأدوية المستخدمة لعلاج الاكتئاب.
7. تعاطي المخدرات:
استخدام المخدرات والاعتماد عليها أو إدمان الكحول يسبب الاكتئاب على المدى الطويل مع مشكلات نفسية خطيرة أخرى.
كيفية تشخيص الاكتئاب السريري؟
بعد زيارة الطبيب النفسي سيتحدث معك الطبيب عن أعراض الاكتئاب السريري بالتفصيل ليبدأ في استبعاد الأمراض المتعلقة كاضطرابات الغدة الدرقية والتي يمكن أن تتشابه أعراضها مع أعراض الاكتئاب.
وقد يصف لك الطبيب عددا من مضادات الاكتئاب بمجرد التشخيص للتجربة أولا ومعرفة طريقة تعامل جسمك مع الدواء، وقد يشمل العلاج أفراد أسرتك من خلال إشراكهم في إدارة الدواء ومراقبة الآثار الجانبية عليك.
كيفية علاج الاكتئاب السريري؟
هناك عدة طرق مختلفة لعلاج الاكتئاب السريري، وقد يجرب الطبيب معك هذه الطرق المختلفة أو يجمع بين أكثر من طريقة حسب حالتك، فما يصح لمريض قد لا ينفع مع آخر، وعلى كل حال الأهم هو توفر الأمان في كل الخيارات المقدمة لك، وتختلف خيارات العلاج على النحو التالي:
1. العلاج الدوائي:
العلاج الدوائي هو خط الدفاع الأول والسريع لتخطي الاكتئاب السريري، وتتوفر أنواع مختلفة من مضادات الاكتئاب، ومع ذلك، فإن مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs) هي الأكثر شيوعًا.
وقد يوصيك الطبيب النفسي بتناول أكثر من نوع واحد من مضادات الاكتئاب أو إضافة علاج دوائي آخر، مثل الأدوية المضادة للقلق، أو أدوية لإدارة الآثار الجانبية للاكتئاب.
ولينجح العلاج من المهم أن يفتح المريض وأسرته قلوبهم للتواصل بشفافية مع الطبيب حول العلاج وآثاره وإدارة أعراضه، للوصول إلى أكثر وسيلة آمنة وفعالة لعلاج الاكتئاب وإدارة آثار مضادات الاكتئاب.
وعلى كل حال، سيستغرق تناول مضادات الاكتئاب عدة أسابيع قبل أن تشعر أثرها على أعراض الاكتئاب السريري، وظهور الآثار الجانبية الناتجة عن هذه المضادات.
2. العلاج النفسي:
العلاج النفسي وهو أحد أهم خيار علاج الاكتئاب السريري، سواء بمفرده أو جنبا إلى جنب مع مضادات الاكتئاب، ويشمل العلاج النفسي
العلاج بالحديث والكلام مع الطبيب النفسي والمريض بمفردهم أو بإشراك العائلة معهم أو في مجموعة تشبه مجموعات الدعم، وعلى كل حال يعمل المريض والطبيب على معرفة وتحديد بعض الأسباب أو المحفزات الكامنة التي تؤثر على اكتئاب المريض، وبمجرد الوصول لهذه المحفزات، يعمل معك الطبيب ومع أسرتك على إدارة هذه المحفزات والتغلب عليها وهو ما يعرف بنهج العلاج السلوكي المعرفي.
وتشير الدراسات والأبحاث أن مواجهة الاكتئاب السريري الفعالة تتم بالمزج بين العلاج النفسي والأدوية لأنها تستهدف الاكتئاب على جبهات مختلفة.
3. العلاج الذاتي:
المساعددة الذاتية تفيد الكثير ممن يعانون من الاكتئاب السريري إما في إدارة الأعراض أو التخفيف من الاكتئاب واعتمادًا على نمط حياتك وصحتك البدنية وتفضيلاتك، يمكنك العمل على هذه الأشياء جنبا إلى جنب مع العلاج الدوائي والنفسي:
التمرين:
أظهرت الأبحاث أنه الأعراض الجسدية والعقلية للاكتئاب السريري تقل مع النشاط البدني، إذ عند ممارسة الرياضة يفرز جسمك الإندورفين والذي يمكن أن يحسن مزاجك بدلاً من ذلك.
الهوايات والإبداع:
من الأعراض الرئيسية للاكتئاب السريري فقدان الاهتمام بالهوايات أو الأنشطة التي كنت تستمتع بها، وقد يكون من المفيد البدء بهواية أو نشاط تحبه بالفعل وتستمتع به أو محاولة الانخراط في هوايات جديدة ومشاريع صغيرة لإمضاء الوقت فيها، حيث سيساعدك هذا في إعادة الاتصال مع أجزاء حياتك المختلفة التي تشعر أنك فقدتها مع الاكتئاب.
لا تهمل نفسك:
يصعّب الاكتئاب عليك الاعتناء بنفسك جسديًا وعاطفيًا وعقليًا وروحيًا، وقد يكون من المستحيل على المكتئب أن يطلب المساعدة، ولكن للتحسن حاول أن تبقى على اتصال مع احتياجات نفسك وأن تسمعها وأن تعتني بها في الطعام والملبس.
كلمة من مستشفى التعافي…
عزيزي القارئ، إذا كنت أنت أو أحد أفراد أسرتك مصابًا بالاكتئاب السريري، فقد تشعر بالإرهاق من حياتك وجوانبها المختلفة وتعاني للتعايش مع المرض النفسي، لكن لا بأس يمكنك جدا علاجه بسهولة، وخاصة عندما تكتشف أعراضه بسرعة وتتدخل عند الحاجة.