الخمر؛ مشروب يثير الكثير من الجدل بين الشباب، بعضهم يراه حلا لمشكلاته والهروب من الضغوطات النفسية والتوتر ومشاكل العمل.
بينما يرى البعض أن شرب الخمر فعل يتنافى مع تعاليم الدين وأخلاقنا العريقة، ترى ما رأي الطب في الخمر؟
نتعرف معا في هذا المقال إلى وجهة نظر الأطباء في الخمر أو المشروبات الكحولية، وما هي أنواعها المختلفة، وكيف يمكن علاج إدمان الخمر، فتابع معنا…
تعريف الخمر:
يعد الخمر أحد المشروبات التي تذهب العقل نتيجة تأثيرها المباشر على المخ، وهو نتاج تخمر السكريات الأحادية المختلفة في الأطعمة بفعل الخميرة.
وتحديدا نحصل على الخمر من ترك الأطعمة المحتوية على سكريات (مثل: العنب والتفاح والذرة والبطاطس والشعير) في آنية محكمة حتى يكون الوسط لا هوائي، وعليه تكسر الخميره السكريات الأحادية وينتج مركب الإيثانول.
لذلك توجد أنواع مختلفة من الخمور على حسب نوع الطعام الذي تعمل عليه الخميرة وكذلك نسبة الكحول في كل نوع، نذكر من أنواع الخمر: الفودكا والنبيذ والويسكي والبراندي والكونياك.
فوائد الخمر:
ترى هل للخمر أي فوائد تجعل الأفراد يقبلون على شربها؟
قد يرى بعض الأشخاص أن البيرة (وهي أحد أنواع الخمر ذات تركيز كحول منخفض) لها بعض الفوائد في تحسين كفاءة الجهاز الهضمي.
ويرى بعض الأشخاص أن النبيذ يساعدهم على الشعور بالدفء خصوصا في البلاد ذات المناخ البارد القاسي.
إضافة لبعض الفوائد الأخرى غير المثبتة علميا، ولكن في حقيقة الأمر يمكننا الحصول على هذه الفوائد من مصادر أكثر أمانا دون الحاجة إلى التعرض لأضرار الخمر.
وعليه يحذر الأطباء من شرب الخمر، خصوصا من يعانون زيادة الوزن، إذ إنه يعمل على زيادة الوزن بشكل مفرط، ما قد يصنفه البعض على أنه فائدة للذين يعانون النحافة.
متى يبدأ مفعول الخمر؟
بعد شرب الخمر يمر بهذه المراحل ومن ثم يبدأ مفعول الخمر:
- الامتصاص من المعدة: يمتص ما يقرب من 20% من الكحول في المعدة بعد شربه مباشرة، ولكن قد يتأخر امتصاص المعدة للخمر في حالة تناول الشخص الخمر على معدة ممتلئة بالطعام.
- امتصاص الخمر من الأمعاء: بعد أن تفرغ المعدة محتوياتها إلى الأمعاء، تمتص الأمعاء 80% من الخمر ويصل إلى الدم على الفور.
- وصول الخمر إلى المخ: يصل الخمر إلى المخ فور امتصاصه مباشرة، ويبدأ تأثيره في الظهور على التفكير وردود الأفعال، ثم يؤثر في الذاكرة والتوازن والتحكم في عضلات الجسم.
- التأثير في الوظائف الحيوية: إذا زادت جرعة الخمر أكثر مما ينبغي، تعمل على تثبيط المراكز الحيوية في المخ، مثل: مراكز التنفس، وربما يدخل الشخص في غيبوبة تؤدي إلى الوفاة.
بماذا يشعر شارب الخمر:
بعد شرب الخمر يمتص سريعا من الجهاز الهضمي، ويصل إلى الخلايا العصبية بعد دقائق معدودة، ومن ثم يبدأ تأثيرها في الظهور على الشخص في الحال.
وفيما يخص تأثير الخمر نجد أنه يختلف شعور شارب الخمر على حسب الكمية التي يشربها؛ ما يعني أن الجرعات الصغيرة من الخمر تثير العقل وتسبب الشعور بالنشوة والسعادة والرغبة في الحديث.
ولكن الجرعات الكبيرة تثبط وظائف المخ، وعليه يشعر الشخص بالخمول والرغبة في النوم، وقد يتدهور الأمر إلى حدوث الغيبوبة والإغماء.
هل يسبب شرب الخمر الإدمان؟
يفرز المخ هرمون السعادة “الدوبامين” نتيجة تأثير الخمر على المخ، وهي الطريقة التي يشعر المخ بها بالمكافأة، وعليه يربط شرب الخمر بالشعور بالسعادة والمكافأة.
يكرر الشخص شرب الخمر مرة أخرى حتى يشعر بنفس التجربة مرة ثانية، ومع مرور الوقت يعتمد المخ في إفراز الدوبامين على وجود الكحول أو الخمر.
فكلما ابتعد الشخص عن شرب الخمر شعر بالضيق والحزن والاكتئاب، وهي أعراض انسحابية للخمر؛ من هذا نفهم أن الخمر بالطبع يسبب الإدمان والأعراض الانسحابية عند التوقف عنه.
إضافة لتعود المخ على جرعة الخمر وعدم استجابته لها كما ينبغي، مما يدفع الشخص لزيادة جرعة الخمر كل مرة ليشعر بنفس السعادة، الأمر الذي يعرضه لخطورة الوفاة.
الجدير بالذكر أن تأثير الخمر لا يقتصر على المخ والجهاز العصبي المركزي فقط، بل يؤثر على باقي أعضاء الجسم.
أعراض إدمان الخمر:
يتغير سلوك مدمن الخمر كثيرا وتظهر عليه هذه الأعراض:
- لا يقدر على التحكم في كمية الخمر التي يشربها، فيشرب الكثير من الخمر أكثر من الكمية التي يخطط لها.
- لا يستطيع التوقف عن شرب الخمر، على الرغم من الأضرار التي تظهر عليه سواء صحيا أو اجتماعيا أو أسريا.
- التعرض للكثير من الحوادث، بسبب القيادة تحت تأثير الخمر.
- الاكتئاب والحزن والقلق مع انحراف سلوكه إلى السرقة والكذب والاحتيال.
- العصبية الشديدة في التعامل مع أي موقف بسيط.
- التغيب عن العمل وقلة التركيز وحالة من اللامبالاة؛ مما يعرضه إلى فقدان وظيفته ومصدر رزقه.
أضرار شرب الخمر:
يشرب مدمن الخمر هذه المشروبات مدة طويلة، وعليه تصيب الخمر أعضاء الجسم كافة بالأضرار والتلف، نذكر من أضرار الخمر:
1. عدم القدرة على التحكم في عضلات الجسم:
يتحكم الإنسان في عضلات جسمه نتيجة إصدار أوامر عصبية من المخ إلى عضلات الجسم المختلفة، ولكن في حالة شرب الخمر يؤثر على كفاءة انتقال هذه الإشارات العصبية على نحو سليم، مما يسبب عدم القدرة على التحكم في العضلات مشاكل في المشي، ورعشة اليدين والقدمين.
2. سوء التغذية:
تسبب الخمر الكثير من الاضطرابات للجهاز الهضمي، مثل: الانتفاخات والإسهال والإمساك وعسر الهضم، إضافة إلى تلف الغشاء المخاطي المبطن للمعدة الذي يؤدي إلى قرح المعدة.
كل هذه العوامل مع ضعف قدرة الجهاز الهضمي على امتصاص العناصر المغذية من الأمعاء، تؤدي إلى حالة شديدة من سوء التغذية.
الجدير بالذكر أن قرح المعدة تسبب الألم الشديد ومن الممكن أن تسبب النزف الذي يؤدي إلى الوفاة.
3. السرطان:
يؤدي شرب الخمر إلى تغير الجينات المسؤولة عن ظهور السرطان، خصوصا سرطان الكبد والمعدة والمريء والقولون.
4. داء السكري:
من المعروف عن الخمور أنها تنشط الإنزيمات الهاضمة التي يفرزها البنكرياس، وكذلك يتسبب في تنشيط هذه الإنزيمات في أثناء وجودها داخل البنكرياس، مما يؤدي إلى التهاب البنكرياس وتلف الخلايا المنتجة للأنسولين، ومن ثم إصابة الشخص بداء السكري.
5. تليف الكبد:
يواجه الكبد سموم الخمر ويكسرها حتى يمنع أضراره المختلفة على أعضاء الجسم، ولكن مع الإفراط في شرب الخمر مدة طويلة، لا يقدر الكبد على مواجهة هذه السموم.
الأمر الذي يؤدي إلى تلف خلايا الكبد ويحدث ما يعرف بالكبد الدهني fatty liver، إذا تنبه الشخص في هذه المرحلة وسعى إلى علاج إدمان الخمر، فمن المرجح أن ينقذ كبده.
أما إذا تمادى في شرب الخمر؛ فسوف تكون النتيجة فشل وظائف الكبد تماما ما يعرف ب liver failure، وهي حالة متدهورة تسبب الصفراء والوفاة.
6. توقف عضلة القلب:
يسبب الخمر الكثير من المشكلات المتعلقة بالقلب والجهاز الدوري تؤدي إلى توقف عضلة القلب، نذكر من هذه الأضرار:
- ارتفاع ضغط الدم.
- اضطراب ضربات القلب.
- السكتة القلبية.
7. ضعف المناعة:
يؤثر الخمر على كفاءة كريات الدم البيضاء وعددها، وعليه تنخفض مناعة المدمن ويصاب بالعديد من الأمراض، مثل الالتهاب الرئوي والسرطان.
8. الكسور:
ينخفض مخزون العظام من عنصر الكالسيوم بسبب شرب الخمر، ومن ثم يصبح الشخص أكثر عرضة للكسور مع الصدامات البسيطة.
9. العجز الجنسي:
على الرغم من زيادة متعة الأشخاص بالعلاقة الجنسية بعد شرب الخمر لأول مرة، فإن الخمر يسبب ضعف الانتصاب والعجز الجنسي للرجال.
10. تشوهات الأجنة:
في حالة شرب الحوامل للخمر تزداد احتمالية إصابة الأجنة بالتشوهات الخلقية، كذلك تزداد معدلات الإجهاض والولادة المبكرة.
11. الاضطرابات النفسية:
تسبب الخمر الكثير من الاضطرابات النفسية التي تجعل الشخص منبوذا على المستوى الاجتماعي، نذكر من هذه الاضطرابات:
- العصبية والعنف دون وجود داع، والميل إلى التصرف بعنف في أغلب الأحيان.
- تقلبات المزاج دون وجود سبب.
- عدم القدرة على تحمل المسؤولية نتيجة ضعف التركيز واللامبالاة.
- الحزن والاكتئاب.
- القلق والارتباك.
12. الأضرار الاجتماعية:
يسبب شرب الخمر وإدمانه عزلة المدمن عن المجتمع حوله، لا سيما أسرته فلا يساعد أي من أفراد أسرته ولا يتمم عمله ويكون قدوة سيئة لأبنائه.
أعراض انسحاب الخمر:
تظهر أعراض ترك الخمر بعد مرور ست ساعات على آخر جرعة من الخمر، وتستمر ما يقرب من 10-15 يوم، نذكر من هذه الأعراض:
- رغبة شديدة في الخمر.
- رعشة الأطراف.
- التعرق الشديد حتى في حالة اعتدال الجو.
- العصبية الشديدة وعدم القدرة على التحكم في ردود الأفعال.
- الشعور بالغثيان والقيء وفقدان الشهية.
- هلاوس سمعية وبصرية.
- الأرق والقلق والارتباك.
الجدير بالذكر أن مدة انسحاب الخمر من الجسم تعتمد على جرعة الخمر التي يشربها المدمن، وكفاءة عمل الكبد والكلى إضافة إلى معدل الحرق الخاص بالجسم.
كيفية علاج إدمان الخمر؟
يحتاج علاج إدمان الخمر إلى تدخل لفيف من الأطباء النفسيين وأطباء أمراض الباطنة وأطباء التغذية العلاجية، على أن يمر العلاج بهذه الخطوات:
1. أولا التقييم الشامل:
يستقبل الأطباء المدمن ويفحصونه لتقييم حالته الجسدية والنفسية، مع طلب عدد من التحاليل اللازمة للتأكد من كفاءة عمل الكبد والكلى، وكذلك معرفة هل توجد أي فيروسات مثل: فيروس سي أو بي أو الإيدز.
2. ثانيا التخلص من السموم ومواجهة آثار انسحاب الخمر:
بعد التقييم الدقيق يضع الأطباء خطة مناسبة لسحب السموم، على أن يمنع المدمن من الحصول على الخمر، مع مساعدته ببعض الأدوية التي تخفف الأعراض الانسحابية المزعجة.
تشمل هذه الخطوة خطة تغذية سليمة لتحسين حالة المدمن الصحية وزيادة مناعته.
3. ثالثا العلاج النفسي والسلوكي:
يخضع المتعافي إلى جلسات العلاج النفسي الفردي مع الطبيب النفسي الذي يعالج أي أمراض نفسية نتجت عن إدمان الخمر.
كما يناقش الطبيب في هذه الجلسات أسباب تورط المتعافي في إدمان الخمر، حتى يساعده على تجنب هذه الأسباب مرة أخرى.
إضافة إلى هذه الجلسات يحضر المتعافي جلسات العلاج النفسي الجماعية، التي يتبادل فيها المتعافون خبراتهم في كيفية هزيمة إدمان الخمر.
4. رابعا التأهيل الاجتماعي وتجنب الانتكاسة:
تهدف هذه المرحلة إلى تجنب تورط المتعافي في شرب الخمر مرة أخرى، إذ تقدم مراكز علاج الإدمان للمتعافي الدعم المستمر؛ حتى يكتسب الثقة في النفس ويعود لعمله ويندمج مرة أخرى مع المجتمع ولا يعود إلى الخمر مرة أخرى.
أسئلة شائعة حول الخمر:
إليك أهم الأسئلة المتداولة حول الخمر:
هل يمكن علاج إدمان الخمر في المنزل؟
في حقيقة الأمر لا ينصح الأطباء بتجربة علاج إدمان الخمر في المنزل، نظرا لصعوبة منع المدمن من الوصول إلى الخمر، إضافة إلى الآثار الجانبية التي قد تسبب حالات حرجة، وعليه من الأفضل الخضوع لعلاج إدمان الخمر في أحد مراكز علاج الإدمان المعتمدة، حيث يخضع المدمن للرقابة على مدار الساعة من قبل الأطباء المتخصصين، ومن ثم يكون الأمر أكثر أمانا وخال من الألم.
كيف تساعد مدمن الخمر؟
لا تناقش مدمن الخمر وهو في أعراض انسحاب، إذ يكون في حالة عصبية شديدة ومن الممكن أن يعتدي عليك، اختر الوقت المناسب واعرض عليه المساعدة، وذكره بطريقة لطيفة بأضرار الخمر على صحته. ابحث معه عن أفضل مركز لعلاج الإدمان. اذهب معه إلى مركز العلاج لتشجيعه وكن داعما له على الدوام، احرص على عدم تعرضه لنفس البيئة التي تقدم الخمر بعد التعافي حتى لا يقع في الانتكاسة.
هل توجد علاقة بين الخمر والاكتئاب؟
دائما ما يوجد إدمان شرب الخمر مع الاكتئاب؛ فمن أعراض شرب الخمر اضطراب المزاج والحزن والاكتئاب، كذلك من أشهر أسباب شرب الخمر هو شعور الشخص بالاكتئاب.
ما هي مدة بقاء الخمر في الجسم؟
تعتمد مدة بقاء الخمر في الجسم على جرعة الخمر وسن الشخص ووزنه، كذلك كفاءة عمل الكبد، وهل يتناول أي مخدر آخر مع الخمر أم لا، ولكنها قد تصل المدة إلى خمسة أيام، وفيما يخص مدة بقاء الخمر في الدم فقد تصل المدة إلى سبعة أيام.
هل يوجد أي دواء يقلل من مدة بقاء الخمر في الجسم؟
في الحقيقة لا يوجد أي دواء آمن يساعد على سرعة تخلص الجسم من الخمر، وعليه فإن تناول أي دواء لهذا الغرض لن يفيد في سرعة التخلص من الخمر، بل على العكس قد يسبب الكثير من المشكلات الصحية الأخرى.
هل البيرة تظهر في اختبار تحليل المخدرات؟
نعم، نظرا لاحتواء البيرة على مادة الكحول بتركيز 3%، مما يجعل نتيجة الاختبار إيجابية في حالة تعاطيك لها قبل الاختبار.
كلمة من مستشفى التعافي…
وختاما -عزيزي القارئ- على الرغم من انتشار الخمر في الأفراح والكثير من المناسبات، فإن تجربة كأس واحد فقط قد يدفعك لطريق الإدمان المظلم.