الدوبامين والاكتئاب حقيقة العلاقة بينهما؟ وهل فعلا يؤدي نقص الدوبامين إلى الاكتئاب؟ وما هي أعراض ذلك النقص؟ والأسباب التي تؤدي إليه؟ وكيف تحافظ على ثبات مستوى الدوبامين في جسمك لتحافظ على استقرار حالتك النفسية وتتجنب أي آثار جانبية مترتبة عليه.
حقيقة العلاقة بين الدوبامين والاكتئاب؟
الدوبامين مادة كيميائية توجد بشكل طبيعي في الجسم، وهو ناقل عصبي كذلك يوصل إشارات من الجسم إلى الدماغ ويلعب الدوبامين دورًا في التحكم في حركات الشخص فضلاً عن استجاباته العاطفية إذ تتأثر وظائف الدماغ الحيوية التي تؤثر على الحالة المزاجية، النوم، الذاكرة، التعلم، التركيز، والتحكم الحركي بمستويات الدوبامين في جسم الشخص، ومع نقص مستوى هرمون الدوبامين لأسباب متعددة تبدأ ظهور علامات الاكتئاب كاستجابة طبيعية للحالة المزاجية التي يتحكم فيها الهرمون المسبب للسعادة، ونستنج من ذلك أن العلاقة بين الدوبامين والاكتئاب علاقة عكسية كلما نقص الأول زاد الآخر وتأثرت الحالة المزاجية لتتجه نحو الأسوأ.
استمر في القراءة…
أعراض نقص الدوبامين:
يرتبط نقص الدوبامين بظهور الاكتئاب لكن لا يزال الباحثون يبحثون في هذا الارتباط المعقد، وتختلف أعراض نقص الدوبامين على السبب الأساسي لنقصه سواء كان نفسي أو جسدي، وتتضمن أعراض الحالات المتعلقة بنقص هرمون الدوبامين والاكتئاب على النحو التالي:
1. آلام وأوجاع:
تتضمن بعض علامات وأعراض الحالات المتعلقة بنقص الدوبامين والاكتئاب تقلص العضلات أو التشنجات مع التعب الشديد والألم غير المبرر في جسم الإنسان.
2. فقدان أو زيادة الوزن:
يتحول الأشخاص الذين يعانون من نقص الدوبامين إلى الأطعمة اللذيذة المعززة للسعادة والتي تحرر الدوبامين كشكل من أشكال التعويض نظرًا لانخفاض قدرتهم على المتعة، ولأنهم يفقدون القدرة على الرضا فإنهم يأكلون بكميات أكبر أملا في الحصول على هذا الرضا مما يؤدي لزيادة وزنهم.
3. اضطراب النوم:
لنقص الدوبامين والاكتئاب علاقة بمشكلات واضطرابات النوم، فمعروف أن هذا النقص يحد من نشاط الدماغ والسلوك المرتبط بالنوم الهادئ أو الأحلام، وهناك عقارات تعطى بالفعل تزيد مستويات الدوبامين في الجسم لتساعد الشخص على النوم.
4. انخفاض الحماس والشغف:
نعم يرتبط نقص الدوبامين والاكتئاب بانخفاض الدافع والحافز لأنه عندما يتم إفراز الدوبامين بكميات كبيرة، يتولد شعورًا بالسعادة والمكافأة مما يحفزك على الإنجاز، أما المستويات المنخفضة من الدوبامين تؤدي لهبوط نفسيتك مما يؤدي لقلة حماسك وبالتالي قلة إنجازك.
5. عدم القدرة على التركيز:
الدوبامين والاكتئاب يؤثران على تركيزك دون أدنى شك، لأن الدوبامين ناقل عصبي يحث دماغك على القيام بالأشياء، وهذا هو السبب الرئيسي وراء قدرتك على التركيز وتحقيق أشياء عظيمة حتى لو لم يكن الدفع فوريًا أو واضحًا، أما نقص الدوبامين فيخلف لديك تشتيتا لعدم إيصال الرسائل التي تريد والتي تحتاجها أن تصل لدماغك لتقوم بالعمل الذي يرضيك ويحفزك.
6. تقلب المزاج:
تظهر أحدث الدراسات أن هناك علاقة وثيقة بين نقص الدوبامين والاكتئاب المتمثل في المزاج المتقلب، بين الهدوء والطاقة المنخفضة تماما والسلوك العدواني الذي قد يكون ناتجا عن مشاعر الإحباط أحيانا وضغوط الآخرين.
7. الحزن دون داع:
الشعور بالحزن أو البكاء لسبب غير مفهوم من أعراض نقص الدوبامين والاكتئاب المتصل بهذا الحزن هو عبارة عن شعور مستم باليأس، لوم الذات، وتأنيب الضمير دون أدنى سبب واضح.
8. ضعف احترام الذات
يفجر الدوبامين والاكتئاب مشكلات عميقة في ذات الشخص تتعلق بتدني احترام الذات وانعدام القيمة، ويكون عرضة لتقلبات مزاجية خطيرة قد تدفعه نحو الانتحار.
أسباب نقص الدوبامين:
هناك أسباب متعددة تؤدي إلى نقص هرمون الدوبامين في الجسم وظهور الاكتئاب تشمل:
1. التغذية السيئة:
النظام الغذائي السيئ عامل كبير في نقص الدوبامين خصوصا تناول كميات قليلة من الأغذية الغنية بالسكر والدهون المشبعة كما أن القليل جدًا من البروتين لا يترك لك كمية كافية من الأحماض الأمينية التي تكون وراء نقص الدوبامين.
2. نقص فيتامين دال:
ينشط فيتامين د الجينات التي تطلق الدوبامين، والقليل منا يحصل على ما يكفي من “فيتامين أشعة الشمس” المهم في ظل انحباسنا خلف الأدراج في العمل أو المنازل، وهو ما يتسبب في نقص فيتامين دال وبالتالي نقص الدوبامين.
3. تناول بعض الأعشاب:
من المثير للدهشة أن بعض الأعشاب والمكملات الطبيعية يمكن أن تكون الجاني في نقص الدوبامين، كجذور العرق سوس وغيرها مما يمنع وظائف المخ المفرزة للدوبامين من العمل.
4. الأمراض الجسدية والنفسية:
يمكن أن تساهم حالتك الصحية العامة في نقص الدوبامين عندما تمر بهذه الحالات عادة:
- الالتهاب المزمن.
- الاضطرابات الوراثية.
- عدم التوازن الهرموني.
- التسمم بالزئبق.
- البدانة أو السمنة.
- مرض الشلل الرعاش
- تعاطي المخدرات فالعلاقة بين الدوبامين والإدمان قوية وتحدث عندما يزداد مستوى الدوبامين عن الوع الطبيعي.
- اضطرابات الغدة الدرقية.
- تناول بعض الأدوية.
5. الإجهاد الشديد:
يمكن أن تؤدي الضغوطات النفسية والاجتماعية إلى إنتاج كمية أقل من الدوبامين ومن الأمثلة على هذا النوع من الضغوطات الشديدة الحزن، سوء المعاملة، الفقر، التمييز الاجتماعي، أو العيش مع شخص مدمن.
6. الإشعاع الكهرومغناطيسي:
كذا قد يكون هاتفك المحمول هو أحد أكثر المواد المستنفدة للدوبامين بشكل لا تتوقعه وهذا بفعل الإشعاع الكهرومغناطيسي المنبعث من الهواتف المحمولة والتي ثبت أنها تقوم بتعطيل مستويات الدوبامين، السيروتونين، والنورادرينالين.
كيفية زيادة هرمون الدوبامين عند الاكتئاب؟
هناك بعد الخطوات التي يمكنك اتباعها وتعمل على زيادة هرمون الدوبامين في الجسم وإعادته لمستواه الطبيعي مرة اخرى وتشمل:
1. تناول البروتينات:
تناول البروتينات يؤدي إلى زيادة هرمون الدوبامين في الجسم، ومن أهم هذه الوجبات الغنية بالبروتينات الديك الرومي، لحم البقر، البيض ومنتجات الألبان، فول الصويا، والبقوليات، وتكمن أهميتها في احتوائها على سلاسل أحماض أمينية تسمة التيروزين والفينيل ألانين يستطيع جسمك معالجتها.
2. زيادة بكتيريا الأمعاء النافعة:
في السنوات الأخيرة اكتشف العلماء أن القناة الهضمية والدماغ مرتبطان ارتباطًا وثيقًا، وأن الدوبامين والاكتئاب لهما علاقة أساسية بأعصاب القناة الهضمية، لذا لا عجب في أن تسمى القناة الهضمية أحيانًا الدماغ الثانية، لأنها تحتوي على عدد كبير من الخلايا العصبية التي تنتج العديد من جزيئات من إشارات النواقل العصبية، بما فيها الدوبامين.
ومن الواضح الآن أن أنواعًا معينة من البكتيريا التي تعيش في أمعائك قادرة أيضًا على إنتاج الدوبامين، والذي قد يؤثر على الحالة المزاجية والسلوك عند تناولها بكميات كبيرة بما يكفي، لينشأ عن هذا تأثير قوي في الدوبامين والاكتئاب المرتبط به وتكون موجودة في اللبن، المعجنات، الزبادي، البطاطس، الثوم، الموز، والشيكولاته.
3. مماسة الرياضة:
يوصى بممارسة الرياضة لتعزيز مستويات الدوبامين وتحسين الحالة المزاجية، والتي ستلاحظها بعد أقل من 10 دقائق من النشاط الهوائي وستكون أعلى بعد نصف ساعة من ممارستك جلسة جري معتدل مدتها 30 دقيقة كفيلة بأن تزيد مستوى الدوبامين لدى البالغين، كما تساعد التمارين في الهواء الطلق باستمرار الأشخاص المصابين بمرض باركنسون حيث تنخفض لديهم معدلات الدوبامين وتعطل قدرة الدماغ على التحكم في حركات الجسم.
4. النوم الكافي:
عندما نتكلم عن الدوبامين والاكتئاب لا تستطيع أن نغفل دور النوم لأنه عندما يتم إطلاق الدوبامين في الدماغ يخلق مشاعر اليقظة والانتباه، لذا يفرز الدوبامين بكميات كبيرة في الصباح عند الاستيقاظ في حين تنخفض نسبته في المساء، ويقلل الأرق من الإيقاع الطبيعي المتناغم لهذه العملية فعندما تضطر إلى البقاء مستيقظا طوال الليل تقل نسبة الدوبامين المفترض أن تتوفر في صباح اليوم التالي.
5. الموسيقى هي الحل:
يمكن أن يكون الاستماع إلى الموسيقى وسيلة ممتعة في التأثير على الدوبامين والاكتئاب، لأن الموسيقى تحفز إفراز الدوبامين ويزيد النشاط في مناطق المكافأة والمتعة في الدماغ وهي غنية بمستقبلات الدوبامين مما يقلل فرص الاكتئاب.
6. مارس التأمل:
التأمل هو تمارين معينة لتصفية الذهن والتركيز على ذاتك وترك أفكارك السلبية تطفو على السطح دون حكم عليها أو تعليق، وهو شيء يمكنك فعله في كل مكان وعلى أي وضع، وقد ثبت أن الممارسة المنتظمة لها مرتبطة بتحسين وضع الدوبامين والاكتئاب إذ يتسبب التأمل في زيادة الدوبامين بنسبة 64٪ بعد جلسة لمدة ساعة واحدة ناهيك عن شعور الراحة والهدوء الذي يمكن أن تنعم بهما.
7. التعرض لأشعة الشمس:
من المعروف أن قلة التعرض لأشعة الشمس قادرة أن تؤدي إلى انخفاض مستويات الناقلات العصبية المعززة للمزاج بما في ذلك الدوبامين، وأن التعرض للشمس يرفع من كثافة مستقبلات الدوبامين في مناطق المكافأة والحركة في أدمغتهم، ومن المهم تذكر الالتزام بإرشادات السلامة وألا تكثر من التعرض للشمس لأن كثرة التعرض لها يعد ضارًا.