القلق شعور نجربه كل يوم تقريبا، إن لم يكن بشأن اختبار، أو فحص ننتظره، أو مستقبل نتمناه، قد لا تصدق أن القلق مفيد أحيانا حينما يدفعك لمضاعفة جهدك في عملك أو دراستك، لكن إلحاح القلق، وتتابعه يمكن أن يسبب للإنسان مرض نفسي وعلل جسدية، تهدد نشاطه اليومي الطبيعي إن لم يتعامل معاها بجد.
تعريف القلق:
تُعرّف جمعية علم النفس الأمريكية (APA) القلق بأنه “حالة عاطفية تتميز بخليط من مشاعر وأفكار مصحوبة بالتوتر وتغيرات جسدية كارتفاع ضغط الدم.”
ويعد استجابة طبيعية للجسم للضغط الخارجي، فهو شعور بالخوف بشأن ما سيأتي، سواء كان في اليوم الأول من الامتحان، أو مقابلة عمل أو إلقاء خطاب كلها مع غيرها تؤدي إلى شعور معظم الناس بالخوف والعصبية، وإذا كانت تلك المشاعر لديك شديدة، وتستمر لأكثر من ستة أشهر، وتتحكم في حياتك وتؤثر على أدائك، فقد يكون لديك اضطراب قلق.
استمر في القراءة…
متى يتحول القلق إلى اضطراب نفسي؟
من الطبيعي أن تشعر بالقلق تجاه الانتقال إلى مكان جديد أو بدء عمل جديد أو إجراء اختبار، هذا النوع من القلق مزعجا، لكنه قد يحفزك على العمل بجدية أكبر وعلى القيام بأفضل ما لديك، القلق العادي هو شعور يأتي ويذهب، لكنه لا يتداخل مع حياتك اليومية بمعنى أنه لا يقلل من كفاءة أعمالك بل بالعكس يحفزك لفعلها على ما يرام.
أما في حالة الاضطراب النفسي، قد يكون الشعور بالخوف معك طوال الوقت طوال اليوم، إنها حالة شديدة ومضعفة لكفاءتك في بعض الأحيان، بل قد يدفعك هذا النوع من القلق إلى التوقف عن فعل الأشياء التي تستمتع بها، بل في الحالات القصوى، قد يمنعك ذلك من دخول المصعد أو عبور الشارع أو حتى مغادرة منزلك، وإذا تركت من دون علاج، فإنه سيزداد سوءًا.
اضطرابات القلق هي الشكل الأكثر شيوعًا للاضطراب العاطفي ويمكن أن تؤثر على أي شخص وفي أي عمر، ووفقا لجمعية الطب النفسي الأمريكية، فإن النساء أكثر عرضة من الرجال لتشخيص اضطراب القلق.
ويأتي في شكل نوبات، وهي شعور بالخوف الشديد أو الضيق، وتتزايد النوبة ببطئ بالنسبة لكثير من الناس، حتى تتفاقم مع اقتراب حدث كبير ومجهد، وتختلف النوبات بشكل كبير حسب الشخص والموقف الذي يشعر بالقلق حياله، وتختلف أيضا الأعراض بين الأفراد، وذلك لأن أعراض القلق العديدة لا تحدث للجميع، بل يمكن أن تتغير بمرور الوقت.
أعراض القلق:
تختلف أعراض القلق باختلاف الشخص الذي يعاني منه، إذ يمكن أن تتراوح المشاعر من مغص في معدتك إلى قلب تتسارع نبضاته، لتشعر أنك خارج نطاق السيطرة، أن عقلك وجسدك لم يعودا متصلين ببعضهما.
تشمل الأعراض الأخرى التي يعاني فيها الأشخاص من الكوابيس ونوبات الهلع وضغط الأفكار وسيناريوهات المستقبل، ومرور الذكريات المؤلمة التي لا يمكنك السيطرة عليها،لأنه الشعور بالقلق شعورا عاما، وقد من مكان أو حدث معين.
تشمل الأعراض العامة للقلق ما يلي:
- زيادة معدل نبضات القلب.
- التنفس سريع.
- الأرق.
- الصعوبة في التركيز.
- الشعور بالإغماء أو الدوار.
- ضيق في التنفس.
- ارتعاش الأطراف.
- الفم الجاف.
- التعرق الشديد.
- قشعريرة أو رجفات بارتفاع درجة الحرارة.
- الخوف والتوجس.
- خدر أو وخز مستمر.
لا تتوقف هنا….
أنواع القلق:
القلق جزء رئيسي من العديد من الاضطرابات المختلفة، التي منها:
1. اضطراب الهلع:
تأتي نوبات الهلع المتكررة في أوقات غير متوقعة، وقد يعيش المصاب باضطراب الهلع خوفًا من حدوث نوبة الهلع التالية لأنها تأتي بلا موعد.
2. الرهاب:
أو الفوبيا وهو الخوف المفرط من شيء أو موقف أو نشاط معين.
3. اضطراب القلق الاجتماعي:
وهو الخوف الشديد من الحكم على الآخرين في المواقف الاجتماعية.
4. اضطراب الوسواس القهري:
تكرار الأفكار اللاعقلانية التي تؤدي بك إلى سلوكيات محددة ومتكررة.
5. اضطراب قلق الانفصال:
الخوف من الابتعاد عن المنزل أو أحبائك.
6. اضطراب الخوف من المرض:
القلق بشأن صحتك المعروف سابقًا باسم hypochondria
7. اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD):
الشعور بالقلق بعد تعرض الإنسان لصدمة، فقدان عزيز، أو المرو بتجربة قاسية كالحرب.
لم ننتهي بعد…
أسباب القلق:
لم يتأكد الباحثون من أسباب للقلق، ولكن، من المحتمل أن تلعب مجموعة من العوامل دورًا في تشكيل سلوك القلق، وتشمل تفاعلات العوامل الوراثية والبيئية مع كيمياء الدماغ، كما يعتقد الباحثون أن مناطق الدماغ المسؤولة عن التحكم في الخوف قد تؤثر في التحفيز عليه.
والسؤال الذي يطرح نفسه…
كيف تعالج نفسك من القلق بدون طبيب؟
هناك طرق لتقليل خطر اضطرابات الشعور بالقلق، تذكر أن تلك المشاعر هي عامل طبيعي في الحياة اليومية، ولا تشير تجربتها دائمًا إلى وجود اضطراب في الصحة العقلية.
واتخاذ الخطوات التالية سيساعدك في تخفيف الشعور بالقلق:
- قلل من تناول الكافيين والشاي والكولا والشوكولاتة.
- قبل استخدام العلاجات العشبية أو الوصفات المنزلية، استشر طبيبًا أو صيدليًا بحثًا عن أي مواد كيميائية قد تجعل أعراض القلق أسوأ.
- حافظ على نظام غذائي صحي.
- حافظ على نمط نوم منتظم.
- تجنب الكحول والقنب والعقاقير الأخرى.
- التأمل.
- البقاء نشطًا وممارسة الرياضة.
- تناول نظام غذائي صحي.
علاج القلق:
بمجرد تشخيص القلق لديك، يمكنك استكشاف خيارات العلاج مع طبيبك، بالنسبة لبعض الأشخاص، العلاج الطبي ليس ضروريًا، قد تكون التغييرات في نمط الحياة كافية للتعامل مع الأعراض، ومع ذلك، في الحالات المعتدلة أو الشديدة، يمكن أن يساعد العلاج في التغلب على الأعراض ويؤدي إلى قابلية إدارة القلق، وينقسم العلاج إلى فئتين هما العلاج النفسي والدوائي:
1. العلاج النفسي:
إذ يمكن أن يساعدك اجتماع بمعالج أو طبيب نفسي على تعلم أدوات ومهارات لاستخدامها، واستراتيجيات تعرفك على سبل التعامل مع القلق عند حدوثه.
2. العلاج الدوائي:
أما الدواء المستخدم للعلاج فيشمل مضادات الاكتئاب والمهدئات، التي تعمل على موازنة كيمياء الدماغ، ومنع نوبات القلق، ودرء أعراض الاضطراب الأكثرر حدة.
هل هناك اختبارات لتشخيص القلق؟
اختبار واحد لا يمكنه تشخيص القلق، بدلاً من ذلك، يتطلب التشخيص عملية طويلة من الفحوصات البدنية وتقييمات الصحة العقلية والاستبيانات النفسية، لذا قد يجري بعض الأطباء فحصًا بدنيًا، بما في ذلك اختبارات الدم أو البول لاستبعاد الحالات الطبية الكامنة التي يمكن أن تساهم في الأعراض التي تعاني منها.
كما تُستخدم أيضًا العديد من اختبارات ومقاييس القلق لمساعدة طبيبك في تقييم المستوى الذي تعاني منه.
لم ننتهي بعد…
طفلي يعاني من القلق.. كيف أساعده؟
القلق لدى الأطفال طبيعي وشائع، في الواقع، يعاني واحد من كل ثمانية أطفال منه، وبمرور الوقت عندما يكبر الأطفال يتعلمون من آبائهم وأصدقائهم ومقدمي الرعاية ويطورون مهاراتهم النفسية لتهدئة أنفسهم والتعامل مع تلك المشاعر.
لكن القلق لدى الأطفال مرشح لأن يصبح مزمنًا ومستمرًا، ويتطور إلى اضطراب، ويبدأ القلق غير المنضبط في التدخل في الأنشطة اليومية للطفل وبذا يتجنب الأطفال التفاعل مع أقرانهم أو أفراد أسرهم.
قد تشمل أعراض اضطراب القلق لدى الطفل:
- الهلع.
- التهيج.
- الأرق.
- مشاعر الخوف.
- الخجل الاجتماعي الزائد.
- مشاعر العزلة.
يشمل العلاج لدى الأطفال العلاج السلوكي المعرفي (العلاج بالتحدث) والأدوية.
المراهقة والقلق:
قد يكون لدى المراهقين العديد من الأسباب للقلق، الاختبارات وزيارات الكلية والعروض والتقديم على فرص أو منحة أو غيرها، لكن المراهقين الذين يشعرون بالقلق أو يعانون من أعراضه في كثير من الأحيان قد يتطور معهم إلى اضطراب القلق.
وتشمل تلك الأعراض لدى المراهقين: العصبية، والخجل، والسلوكيات الانعزالية، والتجنب، وبالتالي، قد يؤدي لدى المراهقين إلى سلوكيات غير عادية، من أداء ضعيف في المدرسة إلى تجنب الأحداث الاجتماعية كالأفراح والمآتم، ليتجاوز الأمر الحدود مع الانخراط في تعاطي المخدرات أو الكحول.
وقد يصاحب الاكتئاب اضطراب لدى بعض المراهقين، لذا يعد تشخيص كلتا الحالتين أمرًا مهمًا حتى يتمكن الطبيب من معالجة المشكلات الأساسية والمساعدة في تخفيف الأعراض.