تجربتي مع الخمر بدأت عندما كنت في الثامنة والعشرين من عمري، في وقت كنت أشعر به بضغوط شديدة أدت لتعاطي الخمر، فأعجبني تأثيره علي لأقع في إدمانه بعد فترة من التعاطي، وأبدا رحلتي في علاج الإدمان منه والأخطاء التي ارتكبتها حتى تتجنبها.
كيف بدأت تجربتي مع الخمر؟
بدأت تجربتي مع الخمر عندما انتقلت لوظيفتي من المقر الذي عملت فيه لمدة خمسة أعوام، وذهبت إلى مقر جديد، عاملني فيه مديري بنوع القسوة، وكان العمل كثيرًا، وكنت أعود إلى بيتي في ساعات متأخرة من الليل، حتى أنني أستيقظ قبل موعدي المحدد في اليوم التالي من كثرة العمل المُوكل لي، حتى أصبحت لا أُطيق هذا الضغط العصبي الذي أصبحت وأمسيت فيه.. ومن غير الممكن أن أترك وظيفتي تلك حتى أجد وظيفة أخرى تأمن لي ولأسرتي معيشة جيدة.
وفي يوم وسط تلك الأيام العصيبة في العمل، عرض عليّ أحد أصدقائي أن أذهب معه إلى بيته ونقضي ليلة عطلة الأسبوع معًا نلهو قليلًا حتى نخفف من الضغوط الملقاة على عاتقنا. حينها كانت البداية!
كان لديه بعض المشروبات الكحولية، عرَضَ عليّ تجربتها، فأخبرته أنني لا أشربها، ولكن مع إلحاحه وفضولي في تجربتها، ورغبتي في التخفيف من أثر تلك الضغوطات عليّ، أذعنتُ له وجربت شربها للمرة الأولى، وكانت هذه بداية الكارثة..
ماذا شعرت عندما شربت الخمر لأول مرة؟
بعدما شربت أول كأس، أحسست بالهبوط، وكأن جسدي سَيَتَهَاوَى مني، يبدو أنني أُصِبتُ بانخفاض شديد في مستوى السكر بالدم، جعلني أفقد توازني..
بعد دقائق، طلبت من صديقي كأسًا آخر، ثم ثالث.. وفي غضون ساعة من شرب الخمر بدأت أشعر بأعراض تعاطي الكحول وكان إحساس غريب أشبه بالنشوة، وكنت أشعر بثقة غير عادية، وأنا أتمتم بكلمات لا أذكرها، لكنها كانت بالنسبة لي مفهومة وواضحة!
شعرت بسعادة فائقة، وبرغبة جنسية كبيرة وقتها صدقت بالعلاقة بين الكحول والجنس، ومن ثم شربت المزيد من الخمر..
بدأ يرتفع صوتي بصرخات غير عادية، ثم ضحك لا معنى له، والكثير من البكاء الذي تلاه.. حتى لم أشعر بشيء من حولي، إلى أن استيقظت في التاسعة صباحًا.
بمرور الأيام لاحظت زوجتي غيابي المتكرر عن البيت في الفترات التالية، سألتني عن ذلك باستفهام، ولكنني أجبتها أنني أرغب في التخفيف من حدة التوتر والضغط في عملي بالبقاء مع أصدقائي لوقت أطول..
ولحسن الحظ لم تعلم زوجتي بأمر إدماني..
كيف تحول شربي للخمر إلى إدمان؟
بعد تجربتي الأولى مع الخمر، ومرور عدة أسابيع بعدها، بدأت أشعر بالمزيد من الضغوط في حياتي، ورغبتي الدائمة في جعل كل شيء مثالي كما أريد، أرهقني ذلك كثيرًا، فشعرت برغبة في إعادة ذلك الإحساس الذي شعرت به لأول مرة عند شرب الخمر.
اتصلت بصديقي واتفقت معه أن نلتقي معًا لنقضي اليوم في منزله، حينها سألته عن هذه الخمر، وكيف يمكنني الحصول عليها، كان خير دليل لي حتى أنه أوصلني إلى زميله الذي يحضرها له، واتفق معه أن يأتي لي بكمية محددة، وبذلك أصبحت الخمر جزء لا يتجزأ من يومي.
كيف أثرت الخمر على حياتي العملية؟
كنت خائفًا طيلة الوقت أن يعرف مديري في العمل بإدماني هذا، وأحاول كل يوم الاستيقاظ بصعوبة للذهاب إلى العمل، كانت الكثير من الأسئلة تراودني أثناء نهاري في العمل، هل أصبحت مدمنًا على الخمر؟ ماذا لو عرف مديري بذلك؟ سوف يفصلني من العمل لاشك. لكنني لست مدمنًا، عندما أريد التوقف عن الشرب سأتوقف بإرادتي بالتأكيد. هكذا كنت أقول لنفسي؛ حتى أطمئنها أنني لستُ مدمنًا، وسوف أتوقف بإرادتي..
لكنني كنت متوهمًا ذلك فقط. مرت خمسة أشهر منذ أول مرة شربت فيها الخمر، في الفترة الأخيرة، والجرعة المعتادة لم تعد تكفيني فأصبحت أميل لزيادتها حتى أنني كنت أشرب أكثر من زجاجة كحول في اليوم.
أصبحت أتأخر كثيرًا في الذهاب إلى العمل، أصبحت حركتي أبطأ، وتفكيري أكثر تشتتًا، لا أستطيع العمل بكفاءة كبيرة، أخذت إنذارًا أول، جعلني أنتبه إلى خطورة الأمر إن تكرر؛ فلم يحدث ذلك في حياتي العملية منذ أكثر خمسة أعوام، قلت لنفسي: ماذا بعد؟ إلى متى ستتجاهل السبب الرئيسي في تدمير حياتك العملية؟
حتى وقعت المصيبة وفصلت تماما من العمل.
كيف حاولت علاج إدمان الخمر بمفردي؟
قررتُ أخيرًا الاعتراف بالحقيقة أمام نفسي أولًا، لقد أدمنت الخمر، وأصبحت دائمًا في حاجة إليها. وفقدت وظيفتي بسببها، حتى أن زوجتي مستاءة مني، وربما تنتهي حياتي الزوجية أيضًا إن لم أتوقف عن شرب الخمر، فكرت أن أتعافى وحدي دون الرجوع إلى طبيب أو متخصص، حتى لا يقلل ذلك مني أمام أحد. لكنني لم أستطع، كان الأمر صعبًا جدًا؛ واجهت أعراض انسحاب كحول صعبة ورغبة شديدة في التعاطي، نوبات اكتئاب ورغبة في الانتحار، هلاوس وتشنجات في الجسم، وآلام حادة.
فبدأت بالبحث عن مستشفى لعلاج الإدمان، فكانت مستشفى التعافي خياري الأول بعد بحث مطول..
رحلتي من الإدمان إلى التعافي:
عندما وصلت إلى المستشفى لتلقي علاج إدمان الخمر والتعافي، استقبلني فريق العمل وتقدمت إلى الأطباء والمتخصصين، وكانت تلك خطوتي الأولى في الرحلة إلى التعافي، والتي كانت كما يلي..
1. الخطوة الأولى: فحصي من قِبل الأطباء:
وفي هذه الخطوة، فحصني الأطباء فحصًا شاملًا للتعرف على مدى تأثير الخمر على صحتي، ووضع خطة علاجية شاملة تناسبني للتخلص من كل ما سببته الخمر بي.
2. الخطوة الثانية: سحب السموم من جسمي:
كنت أعتقد أن هذه المرحلة ستكون مؤلمة جدًا، وكنت خائفًا من الأعراض الانسحابية الناتجة عن سحب السموم الكحولية من جسدي، ولكنني في التعافي وجدت أن ذلك يتم بدون ألم من خلال البروتوكول العلاجي الذي تم تخصيصه لي.
3. الخطوة الثالثة: تأهيلي نفسيًا:
هذه المرحلة كانت الأفضل بالنسبة لي، تلقيتُ علاجًا نفسيًا مع متخصصين نفسيين، ساعدوني على الوعي بأسباب إدماني تلك، وتعلمت كيف أدير أموري العملية والحياتية، وكيف أتصرف عندما أتعرض للضغط في عملي، وأتحكم في رغبتي للتعاطي، والسيطرة على الأفكار التي تدفعني إليه.
4. الخطوة الرابعة: منعي من الانتكاسة:
بعدما تعافيت من إدمان الخمر، ظل معي الفريق العلاجي يتابع تقدُّمي من خلال برنامج لمنع الانتكاسة، من خلال زيارات ولقاءات تتابعني وتساعدني على حل أي مشاكل تواجهني وبالتالي الاستمرار في طريق التعافي.
ماذا لو كنتَ مكاني؟
لو أنك تمر الآن بتجربة مشابهة لي، فأنا أنصحك أن تبدأ فورًا في المسير نحو التعافي، يمكنك أن تسلُك نفس طريقي؛ فأنا الآن في حال لم أكن أحلم أن أصل إليه، ويمكنك أيضًا أن تصنع رحلتك بنفسك، المهم أن تقرر التعافي، وتبدأ بالعلاج.
كلمة من مستشفى التعافي…
تجربتي مع الخمر كانت قاسية سببت لي خسائر كان ممكن أتجنبها، والتعافي من الإدمان رحلة كبيرة، من الصعب أني كنت أخوضها وحدي ولم ينقذني منها سوى يد خلصتني من ذلك المرض.