علامات انتكاسة المدمن لا تبدأ فقط عند العودة إلى تعاطي المخدرات أو الكحول وإنما تسبق ذلك بكثير من خلال أفكار وسلوكيات تظهر علي المريض وتعيشه في صراع مستمر ما بين الرغبة في التعاطي والتمسك بالعلاج، حيث تمر مراحل الانتكاسة ب 3 مراحل عاطفية، عقلية، وجسدية لكل مرحلة علامتها التي تدل عليها وكلما لاحظتها مبكرا كلما أسرعت بالتدخل ومعرفة أسباب الانتكاسة وعلاجها، وإعادة الشخص المنتكس لطريق العلاج بسرعة.
علامات انتكاسة المدمن:
لا تحدث الانتكاسة بشكل مفاجئ، وإنما هي عملية بطيئة تحدث قبل ذلك بفترة طويلة فتتكون من مراحل أولية تنذرك بوجود خطأ في عملية التعافي والحاجة للتدخل والعلاج بسرعة قبل أن يتطور الأمر أكثر ويصبح أكثر صعوبة، وتتضمن الانتكاسة 3 مراحل عاطفية، عقلية، وجسدية والتي قد لا يدرك الشخص نفسه أن يمر بها، ولكل مرحلة علامتها المنذرة لها وتشمل:
مرحلة الانتكاسة العاطفية:
هي أول مراحل الانتكاسة وفي الأغلب لا يدرك الشخص أنه يمر بها وفيها يتعرض لتدهور في حالته النفسية وسوء في استقراره المزاجي يظهر في عدة سلوكيات تشمل:
1. الغضب والعنف:
سوف تلاحظ على المريض سلوكيات غضب وعنف غير مبرر تجاه أسباب غير مستحقة خلاف طبيعته الهادئة في السابق.
2. تقلبات في المزاج:
سوف يعاني الشخص من تقلبات مزاجية حاده فتجد عدم اتزانه نفسيا وتأرجح بين حالات الهدوء والثبات إلى حالات الغضب المفاجئ بدون أسباب.
3. الاكتئاب:
سوف يسيطر علي المريض مشاعر اكتئاب وحزن وشعور باليأس وانعدام القيمة وعدم أهميته في الحياة يظهر في انعزاله وعدم اهتمامه بأي متغير حوله.
4. القلق:
القلق والتوتر وتكرار القيام بسلوكيات قهرية وعدم القدرة على العيش براحة واسترخاء هي أحد مؤشرات الانتكاسة.
مرحلة الانتكاس العقلي:
تأتي الانتكاسة العقلية بعد الانتكاسة النفسية ووقتها تظهر علامات تدل على بدء تفكير المريض في العودة للتعاطي مرة أخرى:
1. صراع بين الرغبة في التعافي والعودة التعاطي:
على الرغم من المظهر الهادئ للمريض والذي قد لا يوحي بالانتكاس، إلا أنه يعيش صراع محتدم بداخله أشبه بشد الحبل ما بين طرفين أحدهما يتمسك بطريق التعافي، ورغبة في العودة للوراء والاستمتاع بنشوة التعاطي.
2. استعادة ذكريات التعاطي:
سوف ينظر المريض لأيام التعاطي نظرة إيجابية ويستعيد ذكرياته وقتها ويرغب في التواجد في الأماكن التي تم فيها التعاطي من قبل، أو الاقتراب من أشخاص ووجوه قديمة شاركوه حياة الإدمان السابقة.
3. إيجاد مبررات التعاطي:
“أستطيع أن أتعاطى مرة أخرى بدون أن اقع في الإدمان” إذا وجدت الشخص يكرر تلك الجملة ويعبر عن قدرته في التعاطي دون أن يدمن، ويجد مبررات التعاطي سواء نفسية أو اجتماعية فإن الانتكاسة تلوح بالأفق بالتأكيد.
4. إنكار وجود مشكلة:
ولا نقصد بها إنكار أنك مدمن متعافي ولكن نقصد أنك قد بدأت تحن للتعاطي وتفكر في أيامك السابقة، وعدم اعترافك بسيطرة مشاعر القلق والتوتر عليك.
5. العزلة:
سوف يعود المنتكس إلى عزلته ويفضل قضاء وقت طويل بمفرده سواء في الغرفة أو الحمام، مع انسحابه من أي تجمع أو نشاط اجتماعي و اعتذاراته المتكررة عن الخروج معكم.
6. تغيير في الروتين اليومي:
عندما تلاحظ أن الشخص بدأ في تغيير روتينه اليومي وأقلع عن ممارسة تطبيق النشاطات الصحية التي تعلمها خلال فترة العلاج مثل عدم النوم المبكر، إهمال النظافة الشخصية، وعدم الاهتمام بوجبات الطعام وتناول غذاء صحي.
7. عدم الاعتقاد بفعالية العلاج:
عندما يبدأ الشخص في الحديث عن عدم فعالية وأهمية العلاج وبالتالي يشعر باليأس منه ويتوقف عن حضور الاجتماعات والتحجج بأي أعذار وعدم تناول الأدوية العلاجيه فإن ذلك إنذار قوي ببدء الانتكاسة.
علامات انتكاسة المدمن الجسدية:
العلامات الجسدية هي المرحلة الأخيرة التي تظهر على المريض لتدل على عودته الفعلية للمخدرات وتشمل:
1. تعاطى المخدرات:
تعاطى المواد المخدرة الفعلي هو العلامة المؤكدة على انتكاسة الشخص ورجوعه إلى التعاطي، وقد يكون تعاطى بسيط يقتصر على جرعة أو اثنين ولا يسب اعتماد، وأحيانا يكون تعاطى منتظم بجرعات كبيرة يصل لدرجة الإدمان، وقد يتطور إلى الجرعة الزائدة نتيجة حالة الاشتياق الشديد التي يتواجد فيها الشخص.
2. اضطراب في النوم:
اضطرابات النوم سواء بالأرق أو النوم لساعات طويلة واضطرابات الشهية ما بين فقدان الوزن أو اكتسابه أحد أعراض الانتكاسة.
3. احمرار العين:
وجود احمرار في العين وهالات سوداء تماما مثل أعراض التعاطي في السابق هي أحد العلامات الجسدية للانتكاسة.
4. كدمات في الذراع:
سوف نعيدك بالزمن للوراء ونقول لك انظر للذراعين، في حالة لاحظت على الشخص كدمات زرقاء وجروح وميل إلى ارتداء الأكمام الطويلة فإن الانتكاسة وتعاطي الحقن هي السر وراء ذلك.
5. سيلان في العين والأنف:
” عندي برد” جملة طلاما سمعناها في الأيام السابقة لإدمان ابنك، ولكنك ستسمعها أيضا أيام انتكاسته كإجابه منه علي سيلان عينه وأنفه المستمر.
6. إنفاق الأموال بكثرة:
إنفاق الأموال بكثرة في فترات قصيرة و طلب الاقتراض من الأسرة أو الأصدقاء هي إنذار شديد اللهجة بأن المخدرات بدأت تزحف الي المريض مرة أخرى ويسعى للحصول على أموال بأي شكل لامتلاكها.
كيف تتصرف مع المدمن عند اكتشاف الانتكاسة؟
بعد اكتشاف انتكاسة ابنك أو أحد الأشخاص المقربين منك، يظهر وقتها تحدي حقيقي يواجهك وهو قدرتك على التغلب على مشاعر الغضب بداخلك وإقناعه بالعودة للتعاطي مرة أخرى.
1. تحدث بهدوء عن دوافعه للانتكاسة:
من المهم حصار تلك الأفكار التي تولد لديه رغبة في التعاطي وتدفعه للانتكاسة، وجعل لغة العقل والمنطق هي وسيلتكم للتعامل، تحدث معه بهدوء عن تلك الأفكار الخاطئة التي تطارده وصححها حتى يتم طرد أي معتقدات سلبية من تفكيره وإتاحة مجال للتفكير المنطقي ليكون هو سيد الموقف.
2. احضر له شريط الإدمان:
في الأغلب فإن تركيز المريض يكون منصب علي نشوة الجرعات الأولى المخدر ويتذكر مشاعر السعادة فقط التي كان يشعر بها أيام التعاطي، لذا من المهم أن يمر شريط إدمان أمام عينه وتذكره بالسلبيات التي عانى منها وتأثيرها على حياته النفسية والجسدية، وسبب سعية للشفاء في المقام الأول حتى تشغل عقله عن الجانب الإيجابي وينظر للمخدر برؤية شاملة.
3. وفر له بيئة صحية داعمة:
اهتم بتوفير بيئة صحية تشجع المريض علي الاستمرار في طريق التعافي واحرص على إحاطته بأشخاص من العائلة والأصدقاء يمنحونه الدعم والثقة ويعززون من ثقته بنفسه، وجنبه التواجد مع أي أشخاص أو في اماكن قد تعيد له ذكريات التعاطي أو طيف من حياة الإدمان السابقة.
4. اشغل وقت فراغه:
حاول دائما إشغال وقت فراغه بنظام حياة صحي يمارس فيها أنشطته هواياته المفضلة والتي تقلل من مشاعره السلبية ولا تدعه للوحدة لفترات زمنية طويلة حتى لا يسيطر عليه التفكير السلبية وتزداد عنده مشاعر القلق والتوتر.
5. تجنب الغضب:
عليك أن تعرف أن كل ما يمر به المريض أمر طبيعي ومشاعر الانتكاسة هي جزء من خطة التعافي، لذا لا تغضب منه أو وجه له اللوم والعتاب واليأس، بل عامله دائما برفق ولين وتقدير لمجهوداته المستمرة في التعافي.
6. اطلب المساعدة الطبية بشكل فوري:
كلما سارعت في طلب المساعدة الطبية كلما تم إدراك الخلل في خطة التعافي وساعدت المريض علي تخطي عقبة الانتكاسة وسهولة العودة لطريق الشفاء مرة أخرى بسهولة.
كيفية علاج الانتكاسة؟
الانتكاسة ليس نهاية العلاج، هي مجرد عقبة في عملية التعافي يجب تخطيها بسرعة، لذا كلما تم الإسراع في علاج الانتكاسة والقيام بالتدخل الطبي السريع كلما تم تخطي تلك العقبة بسرعة وبدون خسائر حيث يتم اتباع عدة خطوات تشمل:
1. سحب السموم دون ألم:
في حالة تعاطى المخدرات أكثر من مرة وتكرار الاعتماد عليها ينبغي هنا إعادة عملية سحب السموم وعلاج أعراض الانسحاب مرة أخرى من خلال بروتوكول دوائي فتمر دون ألم وتحت إشراف طبي دقيق.
2. معرفة أسباب الانتكاسة:
يجب تحديد أسباب الانتكاسة سواء كانت عوامل خارجية أو من خلال مشاعر سلبية نتيجة عدم القدرة على التعامل مع ضغوط الحياة، ثم بدأ تدريب المريض على التحكم في مشاعره وتغيير طريقة تفكيره السلبية وتعليمه كيفية مقاومة الرغبة في التعاطي.
3. تدريب المريض على العيش دون مخدر:
بعد علاج أسباب الانتكاسة يتم تأهيل المريض اجتماعيا وإعادته لحياته الطبيعية مرة أخرى وتجنب أي عوامل تحفز على التعاطي وذلك لعدم تكرار الانتكاسة.
4. استمرار الرعاية بعد العلاج:
يتم استمرار رعاية المريض بشكل دقيق بعد الخروج من المستشفى والتأكد من أنه ملتزم بخطة العلاج من خلال الاجتماعات والزيارات مع المعالج الخاص به، وذلك للحاق بأي أفكار سلبية قد تطارده والتغلب عليها من البداية.