مرض بارانويا يؤدي إلى حالة من عدم ثقة المريض في بيئته الاجتماعية لفترة طويلة، فيعاني من انقطاع علاقاته والشك فيمن حوله والقلق الداخلي والأرق الليلي خصوصا لو تحولت البارانويا إلى طيف ذهان، فما هي البارانويا وما أسبابها وأعراضها وكيف تتعامل مع مريض الشك وجنون العظمة وتقنعه بالعلاج؟ اقرأ لتعرف كل هذا وأكثر في هذا المقال الذي أعدته لك مستشفى التعافي.
ما هو مرض بارانويا؟
البارانويا أو جنون الارتياب كلها تعبر عن أوهام ناتجة عن أفكار وهمية وأعراض ذهانية يعاني منها بعض المرضى ويصاحبها تكرر للأوهام والهوس والأفكار الدائرة حول شخص أو موضوع، وتأتي الكلمة من كلمة لاتينية ترجمتها الحرفية خارج العقل والروح، أي أن هذه الأفكار تعتبر بمثابة عقل خارجي داخل المريض بالبارانويا يبث فيه الأفكار والأوهام والشكوك والمخاوف والقلق.
أنواع البارانويا:
تشمل أنواع البارانويا ما يلي:
1. بارانويا الاضطهاد:
هذا النوع من صور مرض بارانويا هو الأشهر وفيه يعاني يميل المريض إلى اعتبار الأفراد المحيطين به باعتبارهم مصدر للأذى والتجسس والإساءة والإيذاء والتآمر.
2. بارانويا الغيرة:
وفي هذا النوع من البارانويا يميل المريض إلى الخوف من الخيانة الزوجية، لذا فإن الشكوك المتزايدة والتي لا أساس لها من الصحة يمكن أن تؤدي بالتالي إلى إلحاق الضرر بالعلاقة مع الشريك.
3. بارانويا العظمة:
وفي هذا النوع يعتبر المصاب بمرض بارانويا نفسه متفوقًا أو يتمتع بقدرة أكبر على التأثير على بيئته والمحيطين به ويعطي نفسه حجما أكبر مما هو عليه ويطلب من المحيطين به تصديقه في ما يعتقد.
4. بارانويا الجنس:
وفي هذا النوع يميل المصاب بمرض بارانويا إلى الاعتقاد بأنه جاذب للجنس الآخر حيث يكون الهوس الجنسي علامة من علامات البارنويا لدى بعض الأشخاص المصابين بأمراض نفسية أخرى كاضطراب ثنائي القطب.
6. بارانويا الأمراض:
وفي هذا النوع من البارانويا يميل الشخص إلى الإيمان بأنه يعاني من أمراض مزمنة، ورغم أن الفحص يقول له بأنه سليم إلا أنه لا يستطيع تصديق ذلك.
أعراض البارانويا:
تطور مرض البارانويا يظهر في معاناة المريض من الأعراض المستمرة التي يعاني منها المريض في بيئته وبداخله، حيث يظهر عليهم الآتي:
1. الشك في الآخرين:
يميل المصاب بمرض بارانويا إلى إظهار شك كبير تجاه الآخرين، وبالتالي يحد من حياته بطريقة تجعله يقطع علاقاته باستمرار، ويبحث باستمرار عن أدلة تدعم شكوكه لقطع هذه العلاقات.
2. عدم الثقة الدائم:
ومن أهم أعراض بارانويا العظمة أن المريض يكون في حالة دائمة من عدم الثقة لا في نفسه ولا في الآخرين بل يعتقد أن الآخرين يتآمرون عليه.
3. الاعتقاد بأنهم عرضة للاستغلال:
يميل مريض جنون الارتياب كذلك إلى الاعتقاد بأن الآخرين يحاولون استغلالهم والاستفادة منهم حتى لو لم يكونوا يريدون ذلك.
4. العزلة الاجتماعية:
المصاب بمرض بارانويا يميل للعزلة الاجتماعية لانعدام ثقته في نفسه وفي غيره وبالتالي يعتقد أنه من السلامة أن يبقى بعيدا كما هو عن الناس.
5. العصبية:
قد يؤدي ازدحام أفكار القلق والشكوك التي توجد في دماغ المصاب بمرض بارانويا إلى حالة من العصبية والهياج غير المبرر إلا لو وضع في سياق هذه الأفكار اللامنطقية.
4. عدم القدرة على العمل في فريق:
يعاني المصاب من مرض بارانويا من عدم القدرة على العمل ضمن فريق، نظرا لأنه يفقد القدرة على بناء جسور لعلاقات صحية الشك والاحترام ليسا جزء منها.
أسباب مرض بارانويا:
حتى الآن لا يعرف على وجه الدقة ما إذا كان مرض بارانويا مرضا وراثيا أم أنه يتطور في حياة الشخص نتيجة ظروف معينة يتعرض لها، لكن على كل حال هذه قد تكون أسباب الإصابة بمرض بارانويا:
1. البيئة المحيطة:
يمكن للتأثير البيئي والاجتماعي أن يجعل آلاف الأشخاص يمرون بمرض بارنويا في حياتهم حيث تظهر بعض أنماط جنون الارتياب والعظمة لكنها قد لا تصل لحد الخطورة، وبالتالي فإن التنشئة الاجتماعية والتلقين والاندماج في دوائر مختلفة قد يعود شخص على ممارسة أنماط من جنون العظمة والارتياب.
2. إصابة الدماغ:
يمكن أن يكون لبعض إصابات الدماغ ارتباط بتطور وظهور مرض بارانويا وبأنواع معينة من جنون العظمة، مثل متلازمة كابجراس حيث يميل المصاب بمرض بارانويا بأن العائلة والأصدقاء والأماكن تم استبدالهم بنسخ طبق الأصل وأنهم ليسوا هم الحقيقين.
3. صدمات الطفولة:
كذلك قد يكون من أسباب الإصابة بنمط من مرض بارانويا عيش المريض تجارب مزعجة أو مؤلمة أو صادمة خصوصا في طفولته، مما قد يؤدي إلى قلة ثقته في نفسه وما حوله.
4. تدني احترام الذات:
أيضا من أسباب الإصابة بمرض بارانويا أن يمر الشخص بحالة مستمرة ومطولة من القلق المفرط والاضطراب العاطفي المصحوب بتدني احترام الذات.
5. التمسك بالرأي:
قد يكون لتاريخ الشخص مع التمسك بالرأي وصعوبة تغييره وأن يكون عنيدا دور في تطوير مرض بارانويا كذلك.
6. الاستنتاجات اللامنطقية:
يميل بعض الناس إلى الوصول لاستنتاجات غير منطقية ولا يستطيع أحد تصديقها إلا هم، ويتم استخلاص هذه الاستنتاجات بسرعة وتؤدي إلى إفساد العلاقات وهي من أسباب الإصابة بمرض بارانويا خصوصا لو تسببت هذه الاستنتاجات في تضييع علاقات الشخص حتى القوي منها.
7. العزلة:
الشخصية المعزولة لفترة طويلة من الوقت والتائه في أفكاره القلقة والمزدحمة قد تكون من أسباب الإصابة بمرض بارانويا أيضا.
كيفية التعامل مع مريض البارانويا:
التعامل السيء مع مريض البارانويا قد يؤدي إلى نتائج عكسية، لذا ننصحك عند التعامل مع مريض بارانويا بأن تقوم بما يلي:
1. اقنعه بالعلاج:
ليس سهلا إقناع المصاب بمرض بارانويا بالعلاج بسبب عدم ثقة المرضى في الأطباء ولكن، من المهم أن تحاول مع المريض لتلقي المساعدة الطبية لأن مريض جنون الارتياب قد يمثل مشكلة خطيرة لنفسه والمحيطين به.
2. لا تهمل صحتك النفسية:
من المهم لك كتعايش مع مصاب بمرض بارانويا أن تحمي نفسك نفسياً، بألا تقع في استفزازات الشخص المصاب بجنون العظمة، وعليك أن تضع في اعتبارك دوما أنه يعاني من مرض نفسي لذا من الأفضل ألا تجادله لأنه هش ويعيش في عالم من أفكاره المرتابة.
3. تجنب التواصل عندما يكون عدوانيا:
إذا صار المصاب بمرض بارانويا عدوانيًا، فتجنب الاتصال به والتواصل معه واتركه وشأنه، ولا تحاول تهدئه، فقط ابتعد حتى ينتهي الموقف العدواني.
4. تعاطف معه:
حاول أن تتعاطف مع مريض جنون العظمة بسؤاله عن مشاعره والاستماع إليه طالما أنه لا يؤذيك جسديًا أو عاطفيًا، فهذا هو الحد المسموح به للتعامل ولا ينبغي تحت أي ظرف أن تقبل بالعنف من أي نوع.
5. ثقف نفسك أولا:
المعلومات تمثل قوة عندما يتعلق الأمر بمرض بارانويا وإقناع المريض بالعلاج، لذا حاول قدر المستطاع أن تقوم بأبحاثك وأن تطلع على أي كتيبات أو مقالات لإقناع مريض البارنويا والتعامل معه لتقليل الخوف والقلق لديه من المجهول.
6. الإيجابية في تقديم العلاج:
تحدث عن الأدوية بطريقة إيجابية ومنطقية ومفيدة للشخص، أي عليك أن توضح له فوائد الدواء وإيجابيته وكيف ستساعده في الدراسة أو العمل.
7. اعطه خيارات مختلفة:
امنح المريض خيارات حول ما يريده إذا أراد التوقف عن تناول الأدوية، واعرف من الطبيب هذه الخيارات أولا، لأن أي تغييرات تجريها في روتين الدواء لا ينبغي أن تتم إلا بعد استشارة الطبيب المختص.
8. الاهتمام باحتياجاته:
فليس معنى أن المصاب بمرض بارانويا يعاني أن نهمل أن لديه احتياجات ينبغي أن نساعده في تحقيقها، لذا اعرف تفضيلاته سواء في الرعاية الطبية أو الحياة مثل الماكل والمشرب وطريقة اختيار الملابس لتعرف ما المستشفى الأفضل الذي قد يلبي هذه الاحتياجات.
9. كن جزءا من خطة العلاج:
بمجرد تشجيع الشخص المصاب بالبارانويا بعد تشخيصه، عليك أن تكون جزءا من خطة العلاج للتأكد من أنه يتلقى رعاية يستحقها، ولضمان بقاءه في مسار العلاج دون توقف أو خوف، وقد تتغير الخطة مع الوقت، لكن كونك جزء منها ينبغي ألا يتغير.
اسأله عن الدوء
من المهم أن تواظب على سؤال المريض عن دواءه، ولكن طريقة السؤال تفرق، لذا بدلا من سؤاله إن كان يتناول دواءه اسأله كم تبقى معه من الأقراص.
10. اسأله عن آثار الدواء:
تحدث مع المريض عن أي آثار جانبية ظهرت من الأدوية، وتعامل مع أي شكوى له بجد وانظر الخيارات التي يمكنك مساعدته لتخطي هذه الآثار.
طرق علاج مرض البارانويا:
تتعدد طرق العلاج من البارانويا وتشمل:
1. العلاج النفسي:
العلاج السلوكي المعرفي هو أحد أكثر الأساليب فعالية في معالجة مرض البارانويا حيث يقوم الطبيب بمساعدة المريض في إدارة سلوكه بالإضافة إلى تقييم أشكال التفكير والمعتقدات المتولدة عن البارنويا ووجهات النظر التي تحتاج إلى تفكيك وتشريح.
وقد يكافح الطبيب في العلاج مع المصاب بمرض بارانويا نظرا لارتفاع مستويات عدم الثقة من جانب المرضى، وصعوبة فتح الموضوعات معهم ولذا من المهم أن تساعد الأسرة في العلاج.
2. اكتساب المهارات الاجتماعية:
للتدريب على المهارات الاجتماعية وتحسين تواصل المصاب بمرض بارانويا مع الآخرين قد يكون وسيلة فعالة للعلاج مما يسهل عليه إقامة علاقات جديدة تثري حياته، خصوصا مع توفر مجموعات للدعم في محيطه.
3. العلاج بالتعرض:
وهذا النوع من العلاج يقوم فيه الطبيب بعمل مقاربات لأماكن أو أشخاص يخشى منهم المصاب بمرض بارانويا بشكل غير مبرر، بحيث تكتسب المهارات اللازمة لمعرفة كيفية التغلب على عدم ثقته في المواقف التي لم يكن يجرؤ على مواجهتها في السابق.
4. العلاج الذاتي:
حيث يساعد المريض نفسه في هذا النوع من العلاج من خلال ممارسة تقنيات إدارة الإجهاد، والتي تساعده على الاسترخاء وتقليل التوتر الذي تسببه نوبات البارانويا، مما يسمح للمريض بإدراك أنه تفكر بهذه الطريقة فقط بسبب هذا الإجهاد.
5. العلاج الدوائي:
إلى جانب العلاج النفسي والعلاجات المساعدة قد يكون للعلاج الدوائي دورا كبيرا في إدارة الأعراض المصاحبة للبارانويا وتخفيف القلق سواء كانت هذه الأدوية مضادات اكتئاب أو أدوية الفصام أو مضادات القلق.
أسئلة شائعة عن مرض بارانويا:
إليك كافة إجابتنا عن أسئلتك الشائعة حول مرض البارانويا.
ما الفرق بين البارانويا والفصام؟
تشترك البارانويا والفصام في أعراض عدم الثقة في الآخرين، والانسحاب من أي من المظاهر الاجتماعية، والابتعاد عن الواقع إلا أن البارنويا تختلف في أنها لا يصاحبها هلوسة إلا عند آخر مرحلة منها، أما الفصام فيصاحبه الهلوسة دائما.
هل ينتحر مريض البارانويا؟
نعم يمكن أن تسبب الحالات المتقدمة من مرض بارانويا الانتحار حين يصل الشخص إلى القلق الشديد والاكتئاب المزمن والأفكار التي تلاحقه لإيذاء نفسه أو المحيطين به عندما يعتقد أنهم يتربصون به ويستغلونه.
هل يشفى مريض بارانويا؟
نعم، فعلى الرغم من عدم وجود علاج مطلق للحالات التي تسبب جنون العظمة، إلا أن العلاج المتاح حاليا يساعد المريض على التكيف مع الأعراض والعيش حياة أكثر سعادة وإنتاجية.
كلمة من مستشفى التعافي…
على الرغم من أن مرض البارانويا بأنواعه المتعددة يعد من الأمراض الخطيرة، إلا أنه يمكن علاجه والسيطرة عليه، من خلال تعلم كيفية التعامل مع المريض وتطبيق مبادئ العلاج الدوائي والنفسي.